الخميس، 26 فبراير 2015

الوحدة اليمنية بين "رئيس منتخب" و"سيد" يخوض حروب استرداد باسم التفويض الإلهي!

    القاعدة السائدة في الصراعات المحلية أن جماعة التمرد على الشرعية هي من يلوذ بالانفصال حتى بشكل غير معلن عبر اجراءات تكرس الأمر الواقع في الماطق التي تسيطر عليها.
الرئيس هادي لديه الشرعية والامتداد الأفقي من صعدة إلى سقطرى. ولديه الاعتراف الدولي والاقليمي بسلطته. وهذه جميعا_ بالسياسة _ أوراق قوة بيده بصرف النظر عن ما يؤمن به.
      الحوثيون كجماعة يجدون انفسهم، يوما تلو آخر، في مواجهة المجتمع، المجتمع المحلي، فصلا على المجتمعين الاقليمي والدولي. لقد قامروا بدعاوى ثوريه وتورطوا في عملية انقلابية فاشلة لا تحظى باعتراف أحد غيرهم. وهم فرضوا الأمر الواقع في صنعاء ومحافظات يمنية أخرى في الشمال جراء استقوائهم بالمكان. لقد كانت نقطة ضعف الرئيس هادي ونخبة المشترك (القروية، الريفية، نوعا ما) أنهم همشوا العاصمة صنعاء فساعدوا الحوثيين على النفاذ إليها. لكن الحوثيين أنفسهم وقعوا في خطيئة قاتلة عندما تعاملوا مع صنعاء كعاصمة ملكهم، لا عاصمة اليمنيين جميعا. بدا عبدالملك الحوثي وانصاره في صنعاء وكأنهم ينقلبون على التاريخ لا على السلطة الانتقالية، فهم استخلصوا العاصمة التي صار عدد سكانها 3 مليون يمنيا ويمنية، لأنفسهم كانها مدينة الأجداد يستردونها من الدخلاء عليها.
      الانفصال روحية وليس شعارا. والحوثيون وحلفاؤهم (العصبويون أو الوصوليون) هم الآن في الموقع الانفصالي.
سيطروا على مدينة اليمنيين جميعا بالقوة. وفرضوا ميليشياتهم على الجهاز البيروقراطي (عقل الدولة) واجتاحوا المعسكرات وانتهبوا معدات الجيش واسلحته (عمود الدولة) ، واستولوا على وسائل الإعلام العامة، وصمموا على أن ما يفعلونه ثورة، واعلنوا أن الرئيس هادي (الذي انتخبه 7 مليون يمني) مطلوب للعدالة!
        فعلوا كل هذه الفظاعات ثم يتغنون بالوحدة ويتحدثون باسم الشعب.
   (أي وحدة يتغنى بها الحوثيون؟ لعلها وحدة حزب الحق كما كتبت عقب اعلانهم الدستوري)
   (وأي شعب يتحدث باسمه "السيد"؟ لعله يقصد أنصاره واتباعه المؤمنين الذين ينتظمون في جماعته)
***
     لم ينتخب أحد عبدالملك الحوثي ولجانه وعماله على المحافظات التي اجتاحها. وخطاب الجماعة طافح باليقينيات والقطعيات والحصريات.
     إنه خطاب عصبوي وظلامي بامتياز.
     والقاعدة، مرة أخرى، ان من يخرج على الشرعية هو من يفكر أولا باختطاف أية قطعة أرض لإعلان دولته عليها.
المشكلة أن الحوثي يسيطر الآن على العاصمة.
       سوف يقاتل من أجل انتزاع ما يمكن انتزاعه من الأرض لتوطيد إمارته.
      وهو سيكرس الأمر الواقع في اليمن حتى لو آلت الأمور إلى سلطتين ثم دويلتين.
     الجماعة فوق الأوطان في وجدان المؤمنين المصطفين. وجماعة أنصار الله فوق اليمن. ولذلك لن يضيرها قط أن يتمزق.
***
        يملك الرئيس هادي الشرعية والشعبية والاعتراف الاقليمي والدولي.
       لكنه، كما كان يفعل على الدوام، لا يحسن استثمار الفرص، ولا يقدر ما لديه من قوه ومقدرات التقدير الكفؤ.
      رغم مرور قرابة أسبوع على خروجه من صنعاء في ما يشبه المعجزة (او بلغة الحوثيين، التأييد الالهي!) فإن الرئيس لم    يخاطب شعبه بشكل مباشر، حديث من القلب، حديث عفوي يرمم علاقته بهم التي كانت قد بلغت الجدود الدنيا من الثقة.
الرئيس هادي مطالب بأن يكون الرئيس هادي. رئيس الجمهورية اليمنية لا رئيس جمهعورية موفنبيك.
هذا يتطلب أن يحترم محددات وواجبات رئاسته. من ذلك فأنه ملزم باحترام الدستور النافذ وعدم القفز في الزمان إلى مرحلة مقبلة لم يختره اليمنيون من أجلها.
      هذا يقتضي التوقف فورا عن الترويج لهيئات غير دستورية من شاكلة قيادات الاقاليم. لا توجد اقاليم في اليمن بل محافظات حسب الدستور اليمني. والرئيس الذي يقاتل من أجل الشرعية لا يحرق مراكبها باسم مشروع مستقبلي أو لغرض دغدغة المشاعر الغرائزية في مناطق بعينها.
***
     الرئيس هادي كما يشدد كثيرون بينهم، مطالب بتقريب أهل الكفاءة والنأي عن المعايير القرابية والعصبوية في اختيار مساعديه.
***
      هناك سلطة شرعية في اليمن ستخوض معاركها من أجل حفظ وحدة البلد والسلم الأهلي.
     هناك سلطة أمر واقع، ثورجية وعصبوية وتخوض حروبها بروحية الحروب الاستردادية دونما اكترات لعواقب سلوكها على الوحدة اليمنية والنسيج الوطني. وهذه الجماعة قد تضطر _ بل ربما تتعمد_ تكريس الأمر الواقع في المناطق التي استولت عليها حتى وإن أدى الأمر الى تمزيق اليمن.
       هناك جماعة من اليمنيين قررت خوض مباراة صفرية ضد الجماعة الوطنية اليمنية.
     الجماعة العصبوية لديها "سيد" في صعدة.
     الجماعة الوطنية لديها رئيس في عدن.
       في القرن ال21 الأفضلية محسومة للرئيس إذا استمسك بالشرعية واحترم الدستور وانتصر لكرامة اليمنيين، من صعدة إلى سقطرى، دون تمييز.
      في المبنى والمظهر، قبل المعنى والمخبر، فإن السبق للرئيس الذي جاء بالانتخابات لا السيد المتعالي على اليمنيين بالولاية والاصطفاء والحق الإلهي في احتكار تمثيل اليمنيين.

ليست هناك تعليقات: