الأربعاء، 21 أكتوبر 2015

مشروعان أديا إلى الحرب فاسقطتهما: ماضوية الحوثيين وتبشيرية هادي والاصلاحيين!

في هذه الحرب سقط مشروعان:
_ مشروع تحالف الحرب الداخلية، وهو مشروع تسلطي استحواذي احتلالي احلالي، يستهدف تقويض "الشرعية التوافقية" والعودة باليمن إلى ما قبل 2011 مبدئيا، وان تمايزت دوافع الحليفين صالح والحوثي بعد ذلك؛

_ مشروع الرئيس هادي والتجمع اليمني للإصلاح واحزاب المشترك، وهو مشروع تفكيك الجمهورية وتفتيت الجماعة الوطنية اليمنية باسم "فدرالية" براقة ليس لها قوائم على الأرض كما تُظهر مجريات الأحداث منذ الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني في يناير 2014. هذا المشروع الاحتيالي الخرافي المترع بالرومنسية والمغمس بالتبشير هو مشروع مطرز بالإرجاء بما أن "فدرالية" هادي والمشترك هي فدرالية آخروية تستلزم مراحل انتقالية، واحدة تلو أخرى.
المشروعان سقطا: مشروع الانقضاض على الدولة ومشروع الانسلال منها إلى "جنات" تجري من تحتها "دماء" اليمنيين.
ماذا بعد؟
الهدف الأسمى، راهنا، هو استعادة التوافق واستنقاذ الدولة واستنهاض المجتمع حول مشروع وطني جامع. والمشروع الوطني الجامع هو بالضرورة نقيض المشروعين التسلطي الاستحواذي والتفكيكي التفتيتي. وهو بالتأكيد السبيل إلى تجنيب اليمنيين جميعا بطش الميليشيات بمختلف اصنافها.

المشروعان التسلطي والتفكيكي هما بالطبيعة انعزاليان. فالتسلط باسم "وطنية يمنية" مدعاة تقوم على تعريفات حصرية من شاكلة تلك التي يضخها خطابا الرئيس السابق صالح وعبدالملك الحوثي، هو انعزالي بالتأكيد ف"اليمن" ليس صنعاء أو مجموعة قبائل في بقعة من بقاع اليمن، ووطنية من شاكلة "وطنية" الحوثي وصالح هي في واقع الأمر عصبوية جهوية كانت على مر التاريخ اليمني الحديث "عامل التحريف" الأول الذي يحول دون اندماج وطني قوي ومتعاف في اليمن. كما أن توهم الإفلات من الجغرافيا والتاريخ باسم "حوار وطني" هو في واقع الأمر "مهرجان" شعبوي لإنتاج حلول انعزالية جاهزة (حلول قبلوية يصير مؤتمر الحوار مجرد منصة لإطلاقها) توافَقَ عليها جزئيا أطراف السلطة الانتقالية لا اطراف الحوار الوطني المزعوم. وهي حلول انبنت على تفخيخ الهوية الوطنية اليمنية عبر تفكيك الدولة وتعزيز هويات ما قبل وطنية او جهوية، بوهم أن ذلك يسرع من عملية التحول نحو فدرالية مُبشر بها.
من صعدة إلى عدن تتجلى اليوم مظاهر هذين المشرعين المدمرين: فالسلاح غير الخاضع ل"الشرعية" هو صاحب القول الفصل، هو السيد والآمر والمتحكم على الأرض. ولأن للسلاح المنفلت من "الشرعية"، الشرعية بما هي سيادة قانون، أبطاله فقد تقدم الحوثيون، أولا، من صعدة باتجاه العاصمة حيث نخبة "السبات الهني" برئاسة هادي، ثم نزولا إلى تهامة وتعز والبيضاء ومأرب ولحج وعدن. وفي المقابل تقدم "أنصار الشريعة" [القاعدة] في المكلا، وظهر تنظيم الدولة الاسلامية [داعش] في عدن. وتفشت الميليشياوية في مختلف المحافظات اليمنية.
هذان مشروعان يفتكان باليمن: الإنسان والهوية والكيان. هما مشروع الحوثي_ صالح، ومشروع هادي _المشترك.
الحرب هي حصاد المشروعين، وهي مقتلهما.
لكن الخطر الراهن هو في المشروع الثالث؛ مشروع "اللادولة" أو دويلات وإمارات الجماعات المسلحة.

هذا، إذاً، وقت اعادة الاعتبار إلى "المشروع الوطني"، مشروع دولة المواطنة وسيادة القانون الذي خرج ثوار 2011 في طلبه قبل أن ينقلب عليهم اطراف السلطة الانتقالية والممثلون الافتراضيون للثورة والحراك الذين تم جلبهم إلى فندق 5 نجوم شرق العاصمة صنعاء.

ليست هناك تعليقات: