الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015

62 تغريدة صنعائية في حب "التي حوت كل فن"

62 تغريدة صنعائية في حب "التي حوت كل فن":
من يبغض صنعاء فإن له معيشة ضنكا*

______________________________
(إلى الشهيد الخالد علي عبدالمغني في ذكرى ثورة سبتمبر)

1 _ من يناصر الشرعية في اليمن لا يتورط في إهانة اليمنيين أو فئة منهم أو مذهب من المذاهب التي يعتنقها اليمنيون أو مدينة من مدن اليمن العريقة.
2 _ صنعاء، كمفردة، تعني القلعة. وصنعاء اليوم، بما هي "اليمن" مصغرا ومكثفا، هي حصن "الوطنية اليمنية". ومن العار على أي عربي أن يتوعد بتدميرها.
3 _ صنعاء وصعدة وذمار مدن يمنية عريقة، ومن الخفة والضحالة تصوير هذه المدن باعتبارها مدنا حوثية.
4 _ من يناصر "الشرعية" مطالب باحترام المشاعر الوطنية لليمنيين. ما هي الشرعية ان لم ترتكز على الهوية الوطنية لليمنيين؟

5 _ تغيرت قسمات اليمن وتضاريسه السياسية والاجتماعية عديد المرات خلال الألفي سنة الماضية، لكن حواضره العريقة المأهولة بقيت حاضرة تنبض بالحياة.
6 _ صنعاء انغرست في ذروة الهضبة اليمنية قبل 3000 الف عام. وبقيت حيث هي رغم الاحتلالات والاجتياحات والاستباحات التي استهدفتها على مر تاريخها.
7 _ من أسباب نكبة اليمن الراهنة أن كبار المسؤولين فيه يجهلون ما تعنيه صنعاء لليمنيين، وما تؤديه من وظائف سياسية واجتماعية وثقافية لكل اليمنيين.
8 _ في حقبة حكمه اعتمد الرئيس السابق صالح سياسات تجمع بين الحفة والجهالة والعصبوية، ما أدى إلى تضخم صنعاء بشكل أضر بها قدر ما اضر بالمدن الأخرى.
9 _ كبرت العاصمة بطريقة كارثية جراء التركيز العاصمي ولأسباب لها صلة بحسابات السلطة ومصالحها وعصبوية أركانها. أرادوا تأمين السلطة فتصدعت الدولة.
10_ صارت العاصمة رمزا للقهر والشرور في الثقافة الشعبية خلال العقود الأخيرة.كانت العاصمة "القاصمة" التي تكبد اليمنيين مشقة لإنجاز اتفه الأمور.
11 _ بعد حرب 94 اشتهرت زفرة أديب عدني، تلخص معاناة اغلب اليمنيين من نظام ما بعد الحرب. " أمر لا يٌطاق ان تكون عاصمتك في بلد شقيق"، زفر صاحبنا.
12_ سياسات ما بعد حرب 94 فاقمت من مشكلة صنعاء التي كبرت قدر ما اغاظت. وفي 2000 كتب أدونيس متحسرا على مدينة آسرة صارت جوهرة في كيس مهملات.
13_ يعلمنا التاريخ انه حتى في ادواره المعتمة تكمن ايجابيات. والأكيد ان سياسات صالح المنفرة ومركزيته الغاشمة، افرزت صنعاء كبرى تكثف اليمن راهنا.
14 _ في صنعاء الآن نحو 3 مليون يمنيا ويمنية من كل المناطق والقبائل. وهي المكان الذي يستطاب سكناه من اغلب اليمنيين حتى ممن يخمشون كبريائها راهنا.
15_ الأمكنة بناسها، كما يقول المثل الشعبي. وناس صنعاء هم يمنيون من كل بقاع اليمن.
16 _ في رحلة نايبورإلى اليمن في القرن ال18 خسرت البعثة الاوروبية (التي ضمت علماء من تخصصات متنوعة) اغلب افرادها اثناء تنقلها في اليمن. كانت صنعاء التي وصلتها في يوليو بمثابة الجنة.
17_ صنعاء ليست صالح أو الحوثي. ليست أيا من السلطات التي تعاقبت عليها. إنها "مليحة" اليمنيين وملهمة الشعراء وآسرة اعظم موهوبي اليمن عبر العصور.
18_ بعيدا عن تخرصات الجهلة الموتورين في اليمن والخليج، فإن تاريخ الإبداع في اليمن هو تاريخ "صنعاء" إلى حد بعيد، من الهمداني إلى البردوني.

19_ كتاب صنعاء هو كتاب "الثقافة" في اليمن، من نشوان بن سعيد الحميري إلى عبدالعزيز المقالح ومحمد عبدالقادر بافقيه وعبدالله الحبشي و"الفضول".

20 _ ابحث عن الجمال في اليمن تجد له أصلا في صنعاء، من الشعرإلى الغناء إلى التشكيل. والمدينة العتيقة هي الرد الصاعق على الذين يتطاولون عليها.
21_ في 1996 زار فنان مصر العظيم جورج البهجوري صنعاء للمشاركة في مؤتمر ولم يحضر أيا من جلساته. في مسائه الأول دلف من باب اليمن ثم لم يخرج قط.
22_ لاحقا، روى البهجوري ل3 صحفيين يمنيين، كنت أحدهم، كيف انه لم يشعر قط بالسأم في هذه المدينة المكتنزة بالاسرار. صارت التي "حوت كل فن" خلال أيام المؤتمر العربي بمثاابة "مرسمه".
23 _ قال البهجوري، إنه اكتفى خلال ايامه ال4 في صنعاء بكرسي خشبي يجلس عليه في زقاق، وصفحات بيضاء وريشة. ورسم كما لم يرسم قط.
24 _ صنعاء هي المصنعة (أي الحصن أو القلعة). وهي المصنع الذي طلع منه اجمل ما يجمع اليمنيين: الأغنية اليمنية التي هي _ بالتقريب_ الأغنية الصنعانية.
25 _ في البدء كان الغناء اليمني، وبالتالي الخليجي، صنعانيا.
26_ وفي نهاية القرن ال19 بدأت في صنعاء وكوكبان موجة عداء للغناء بفعل انتصارات جيش الإمام يحي المحافظ دينيا. وكان في ذلك نفع عظيم لليمن.
27_ انتشر اعظم مطربي صنعاء وكوكبان وذمار وشبام، في اليمن الكبير وعلموا اليمنيين كيف يغنون.
28_ يذكر اليمنيون بعرفان الشاعر الغنائي جابر رزق الذي غادر صنعاء في نهاية القرن ال19، متنقلا في تهامة وغيرها، وواصل العزف مقدما اعذب الألجان.
29 _ في كتاب الفنان الكبير محمد مرشد ناجي عن "الغناء اليمني ومشاهيره"، يظهر إسهام صنعاء في الشعر والغناء، خصوصا محمد الماس وابنه ابراهيم. وقبلهما جابر رزق.
30_ من منزل محمد الماس مطلع القرن، تعلم اليمنيون في "عين اليمن"، عدن، كيف يدندنون بأروع قصائد الشعر الحميني.
31_ في البدء غنى رواد الاغنية اليمنية في عدن الأغنية الصنعانية ثم بعد عقود ظهرت الاغنيتان اللحجية والعدنية.
32_ صنعاء ليست محض مدينة.
ليست محض متحف.
إنها منجم وبستان وصرح ووجهة ووعد.

33_ من يبغض صنعاء فإن له معيشة ضنكا!
34_ يقصفون صنعاء بحمم من نار وبذاءات. يدمرون مبانيها ويروعون اهليها يتوعدونها بما هو افظع لكن هل في طاقتهم قتلها او حتى الانفكاك منها؟
35 _ إن توهمتم إلغاء "صنعاء" من التاريخ كما تطنطنون، فكيف بوسعكم أيها الحمقى إدراك "صفة جزيرة العرب" لعاشقها العظيم الهمداني؟
36 _ هل تستبينون ملامحكم بعدها؟
37 _ إنْ اردتم الغاء "صنعاء" من الجغرافيا الوطنية والاجتماعية لليمن، فعليكم، اولا، محو فكر "المعتزلة" من كتب التراث، وطمس "ملوك وأقيال سبأ وحمير" من كتب التاريخ.
38 _ إن اردتم محو اسم صنعاء من عوالمكم المقفرة، فامنعوا اغاني القعطبي والماس والعنتري وباشراحيل ومحمد سعد عبداللة والمرشدي وابوبكر سالم ومحمد عبده.
39_ أن اردتم حذفها من الجغرافيا الوطنية فعليكم أولا محاكمة وإدانة رموز اليمن الذين رووها من عرقهم واضاءوها من فكرهم: من النعمان إلى فرج بن غانم.
40_ عليكم انزال صور علي عبدالمغني والزبيرى والحمدي وسالمين والبردوني وعمر الجاوي وعيسى محمد سيف وسالم السقاف من جدران مكاتبكم ومجالسكم ومن بروفايلاتكم في مواقع التواصل الاجتماعي.
41_ ان كانت صنعاء محض خطأ تاريخي كما تزعمون... هل ستقومون يتغيير ديموجرافي قسري لتصحيحه، كما يتوعد بعض المعلقين من فضائيات السعودية والإمارات؟
42_ هل يتوجب ان يغادرها 3 مليون يمني، كما يهذي خبراء استراتيجيون "فضائيون" حتى تعود كما كانت قبل 6 عقود: مدينة تغلق بواباتها عند غروب الشمس؟
43_ هل يعرف الاستراتيجيون الطارئون والأثرياء المحدثون "صنعاء" حتى يتقولون عليها ويتوعدون سكانها ثم ينهالون عليها بالصورايخ والقذائف ليل نهار؟
44 _ هل يعرف خبراء الرطانة عبر فضائيات الخليج ومواقع التواصل صنعاء حقا؟ أم تراهم يقصفونها بحمم النار وفحش الكلام لأنهم يعرفونها حق المعرفة؟
45_ يتبارى اليمنيون في مديح عدن وتعز وشبام وسيئون وتريم ...الخ. أنا أيضا أحب هذه الحواضر اليمنية العظيمة وعبرت مرات عن هذا.
46 _ لكن دعونا نقر ان صنعاء المدينة الوحيدة التي يمكن لأي منا هجاؤها من دون ان تقصف اللعنات عمره. يمكن عزو هذا إلى انحرافات سلطة وتشوهات مسار.
47_ يمكن لأي يمني أن يهجو صنعاء وأن يتذمر من دورها وأن يكفر باسمها. صنعاء هي العاصمة وجزء من معاناة اليمنيين ارتبط باسمها وبدورها وثقلها.
48_ لكن هل يصح ان يتقاطر معلقون وخبراء خليجيون على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل النيل من عاصمة اليمنيين بالتحقير والتبخيس؟
49 _ هل يجوز أن تطلع مكبوتات مسؤول خليجي سابق من قلبه إلى لسانه المنفلت، فيتوعد اليمنيين في العاصمة بالويل؟
50_ دعونا نعترف ان صنعاء مدينة يتيمة الآن.. يمكن لأي كان أن يهجوها من دون أن يثير غضب أحد، ومن دون ان يتهمه أحد بالتخلف والتعصب والرجعية.
51_ إنها العاصمة! ومن الواجب تفهم ما يلحق باليمنيين من عذابات جراء رجال مهووسين يمسكون بمقاليد اليمن انطلاقا من العاصمة.
52 _ صنعاء بما هي العاصمة "القاصمة"، مدينة يتيمة أيضا. ياخذونها بجريرة مسؤولين لا يدركوا كنهها واصلها وفصلها وفنونها وعمرانها وتاريخها.
53 _ من حق أي كان ان يستعرض عضلاته الكلامية في هجاء صنعاء. لقد مارس اليمنيون، بالحق وبالباطل، ما يمكن وصفه يجرعات تعذيب سادية ضد اجمل مدنهم.
54_ بات على سكان المدينة العتيقة ان يتقبلوا برحابة صدر العنف اللقظي المتنامي في حق مدينتهم ولهجتهم وهويتهم وارثهم.
55_ من غير المألوف ان تصادف يمنيا يجهر بعبارات قاسية ضد مدينة يمنية اخرى او ينتقص من سكان أي منطقة. لكن صنعاء الاستثناء.
56_ يمكن لأي كان التحامل والغضب والنفجار في وجه المدينة "اليتيمة". تلك مفارقة كبرى: العاصمة القاصمة هي أيضا العاصمة عير المعصومة.
57 _ "صنعاء مدينة مفتوحة"، بحسب رواية محمد عبدالولي. وهي الآن مدينة مستباحة: الطيران يمطرها بحمم النار، ومؤيدو الرياض وابوظبي يمطرونها بالبذاءة!
58_ صنعاء مدينة بلا ضفاف قدر ما هي مدنية بلا ادعاء. هي كما كل مدينة يمنية عريقة: تعبق بالجمال وتختزن الأسرار وتجود بها للمحبين.
59_ هذه التغريدات عن صنعاء واجبة الآن؛ لأنها العاصمة المطالبة بتسديد ضريبة خطايا الرؤساء والقادة والمنظرين والمهرطقين والمهومين والمحتالين!
60_ في السبعينات قال سينمائي ايطالي لو أنه رئيس بلديتها لكنسها كل صباح برموش عينيه. لكن صنعاء القديمة مهددة بصدوع وانهيارات بفعل طائرات الخليج.
61_ صنعاء من أبرز مدن العرب التاريخية. لذلك هي محمية بحسب اليونسكو. ليست محمية تاريخية فحسب. هي "محمية وطنية" قدر ما هي"حامية الوطنية"!
62 _ الشعبوية الآن هي في الردح في صنعاء. لكن "السوية" والانفتاح والرحابة والوطنية والانسانية، كل أؤلئك يكون "في مديح المدن اليمنية الأكبر سنا".
_______
* تغريدات من "تويتر" نشرتها أمس، وقدرت تقديمها للاصدقاء هنا، مصدرة بإهداء لأحد شهداء اليمن الخالدين الملازم علي عبدالمغني الذي فجر، ومعه نخبة من شباب اليمن في 26 سبتمبر 1962 ثورة يمنية كان لها دور عظيم في بلورة "وطنية يمنية" في عموم اليمن من المهرة إلى صعدة، ثورة سبتمبر التي أخرجت اليمنيين إلى العصر قدر ما اخرجت صنعاء من بواباتها إلى الحداثة رغم كل الهزائم التي عصفت بهذه الثورة وبنظامها الجمهوري خلال العقود الماضية.
هذه تغريدات كتبتها هناك، وأعيد نشرها هنا، ردا على حملة الردح والتبخيس والتحقير في هذه المدينة اليمنية الفريدة، الفارهة والفاخرة ولكن ايضا المنكوبة بالسياسيات وبالسياسيين الأغبياء والحمقى، الانانيين المتغطرسين.
هذه 62 تغريدة في حب صنعاء التي يتوهم البعض في اليمن والخليج أنها "مدينة يتيمة" بأكثر مما هي "مدينة مفتوحة" للاجتياحيين القادمين من الشمال (اليمني) أو "مدينة مستباحة" من الطيران الشقيق (الداعم للشرعية المرشحة للتعفن في قصور الرياض) ومن السنة المعلقين الفضائيين الحداد، ومن قوات التحالف التي تتجمع في الشرق.
احتربوا حول ما تشاءون من عناوين لكن "صنعاء ليست مدينة يتيمة" أيها المحلقون في أجوائها وفي الفضائيات وفي العوالم الافتراضية.

ليست هناك تعليقات: