الثلاثاء، 1 سبتمبر 2015

أيتها الشرعية: كم من الفظاعات ترتكب باسمك!


الهدف المعلن لحرب التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن هو إعادة الشرعية إلى العاصمة صنعاء. وهذا الهدف _ بالنفوذ السعودي_ صار مشرعنا بقرار من مجلس الأمن، صدر تاليا على "العاصفة" السعودية_ العربية.
إذا أمكن تحقيق هذا الهدف عبر التزام شريكي الحرب الداخلية (الحوثي وصالح) بتنفيذ القرار، فمن شأن ذلك أن يساعد اليمنيين على إدارة عملية سياسية توفر فرصا لبناء توافق على غرار ما جرى في 2011 وتعطل، كليا، في يناير 2015 بانقضاض الحوثيين على مقار السلطة في العاصمة صنعاء.
إذا التزم شريكا الحرب الداخلية ببنود القرار [وهناك مصادر حسنة الاطلاع بما يدور في مسقط، تتحدث عن موافقة مبدئية عليه_ لا تعامل ايجابي فحسب] لكن الرياض وحلفاءها ووكلاءها اليمنيين استمروا في العمليات العسكرية، فإن على مجلس الأمن الدولي التدخل من أجل وقف الحرب.
***
وجهة الحرب تبدو محسومة لصالح "الشرعية" التي تتقزم مؤخرا لتصير محض "حلفاء السعودية" في اليمن. ف"شرعية" مرموز إليها بالرئيس هادي وحكومة بحاح لا تستحق كل هذا العناء. لكن "شرعية توافقية" تحول دون انفراد طرف من أطراف العملية السياسية في اليمن بفرض حقائق سياسية بالقوة، هي ما يمكن أن يمنع اليمن من السقوط في الهاوية.
القوة تغري وتغوي. ودول التحالف العربي تبدو عازمة على الذهاب إلى ما هو أبعد _ ولكن أدنى_ من الهدف المعلن ل"العاصفة" القاصفة، ول"الأمل" الذاوي، ول"السهم" النحاسي!
ف"الشرعية" بلا مظاهر دالة عليها إن في مسقط حيث يدير المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ مفاوضات غير مباشرة بين الحوثيين والرياض، وفي الرياض حيث يستطيب رموز هذه الشرعية الإقامة وينغمس أنصارها في ترتيب اوضاعهم الشخصية والعائلية والمهنية، وفي عدن حيث تقدم "الشرعية" نموذجا منفرا لليمنيين في مختلف المحافظات جراء تقاعسها عن الوفاء بمسؤولياتها في حفظ الأمن وصون السلم الأهلي وحماية "الأنفس" والممتلكات و"حقوق المواطنة" التي يتم انتهاكها من بعض المجموعات المنفلتة التي تزعم الانتساب إلى "المقاومة".
"الشرعية" ليست "الصك" الأبدي في حقيبة سفر الرئيس هادي، الذي يلوح رائق المزاج في الرياض غير معني _ كما كان حاله في محطات سابقة قبل المحطة السعودية_ بمؤشرات انفلات الأوضاع أمنيا في عدن ومحافظات يمنية اخرى باتت خاضعة لسلطته.
الرئيس هادي ومساعدوه يبشرون اليمنيين في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين وحلفائهم، بعودة "الشرعية" وشيكا وبتحريرهم من عنت "الميليشيات الانقلابية" بينما اليمنيون في العاصمة وهذه المحافظات لا يرون معالم هذه "الحرية" ولا يلحظون أية مظاهر على "شرعية" عادت إلى المناطق المحررة.
أخطر من هذا الغياب المخزي ل"الشرعية" في عدن ومحافظات أخرى، يتعالى خطاب عصبوي مرصع بالانعزالية من قبل "انصار" هذه الشرعية في المحافظات الخاضعة لها.
ليت هذا فحسب!
إذ أن وقائع محزنة تندرج ضمن جرائم كراهية، تقع في اليمن "المحرر" من دون أن تحرك هذه "الشرعية" ساكنا من أجل التصدي لها. أو الخروج علنا من مقارها في الرياض لإدانتها وذلك أضعف الإيمان.
بماذا يبشر "الشرعيون" اليمنيين في صنعاء وذمار وإب وتهامة وصعدة وعمران وحجة والجوف؟
أين هي الشرعية "الجاذبة" التي تستنهض اليمنيين، بمن فيهم جمهور الحوثيين، من أجل الالتفاف حولها.
ما هي الفروق المائزة بين هذه الشرعية وبين الخارجين عليها؟
خلال الأشهر الماضية، وبخاصة منذ ستمبر الماضي، ارتكب الحوثيون جرائم مروعة (كالقتل والإخفاء القسري والتعذيب والتنكيل الاجتماعي وتفجير الممتلكات الخاصة ومصادرة الحقوق السياسية وقمع الحق في التعبير ونهب وسائل الإعلام الخاصة والحزبية والاستحواذ على وسائل الاعلام الحكومية)، ارتكبوا هذه الجرائم ضد خصومهم السياسيين والايديولوجيين بل وضد ناشطين شباب ومستقلين يرفضون انقلابهم.
لكن في ما يخص الحقوق المدنية والشخصية، وفي حال استمر هادي وبحاح والناطقين باسم الحكومة في الرياض في تجاهل الجرائم التي بدات تتخذ طابعا ممنهجا، هل تكون الفروق في صالح هذه "الشرعية" أم تكون خصما منها؟
***
اليمنيون في أغلبيتهم الساحقة يريدون "الدولة" لا "الديولة" _ على حد تعبير الأستاذ هائل سلام.
يتطلعون إلى سلطة مسؤولة لا تسلط فئة أو جهة أو شبكة مصالح أو ميليشيات مقنعة يايديولوجيات.
يتشوقون إلى رحابة مشروع وطني جامع لا إلى "مغازل" عنصرية تستلب كرامتهم وتنتهب حقوقهم على مرأى ومسمع من كل "الشرعيين" في الرياض.
***
الحرب في اليمن، كما هي منذ اندلاعها قبل عام، بلا أبطال وبلا قادة وبلا مشروع وبلا وعود كبرى.
هي حرب الجوف الصغار، وحرب "خرافات" و"صغائر" الميليشياويين الذين يتدثرون بشرعيات قاتلة.
"الشرعية" في وضعية "التباس".
تارة هي كلمة الحق في وجه الانقلابيين.
وهي تارة أخرى "قميص عثمان" يتدثر به "الشرعيون" والعصبويون، ايديولوجيين وجهويين، ومن خلفهم الحلفاء الاقليميون المهجوسون ب" الهلال الشيعي"، ليحاربوا "شيعة" اليمن المفترضين في "اقليم آزال"!
من هذه الزاوية، فإن تفكيك الدولة اليمنية و"تطييف" اليمن عبر تعزيز جماعات عصبوية مسلحة تتوسل احتكار تمثيل اليمنيين، باسم الله أو باسم شريعته السمحاء، لن يكون مجرد "شطحة" ايديولوجية أو ثورجية عابرة.
***
أيتها الشرعية: كم من الجرائم ترتكب باسمك!

ليست هناك تعليقات: