السبت، 5 سبتمبر 2015

دعونا نتفاءل فاليمنيون لا يشبهون زعماءهم!

دعونا نتفاءل فاليمنيون لا يشبهون زعماءهم!
لو صحت "مسلمات" و"خرافات" انبياء "موفنبيك" لغرقت صنعاء في جرائم الكراهية
_______________________________________________
الطائفية والمناطقية هما صناعة الطفاة والغلاة والبغاة. وهما، أحيانا، صناعة سياسيين فاسدين يحفزون عناصر الفرقة ويشتغلون على "التشوهات" و"المكبوتات" من أجل تعزيزفرصهم في السباق على القوة، وسياسيين أخرين يعتمدون خطابا "شعبويا" بحسبان أنهم يحافظون على قاعدتهم الشعبية.
وفي الحالة اليمنية (خصوصا في العامين الأخيرين) تفشت "الشعبوية" في المجتمع السياسي اليمني باعتماد قادة الأحزاب نبرة تملقية استرضائية مبتذلة حيال استحقاقات وقضايا ووقائع بعينها بغية جذب جمهور أو استمالة جماعات أو المزايدة على خصوم. وللغرض نفسه التزم هؤلاء "الشعبويين"، في مقام الإفصاح عن المواقف، الصوم عن "الرطانة" و"الطنطنة"، متدثرين بلبوس الزاهدين بينما هم "شياطين" خُرس.
السياسة في اليمن معتلة والأحزاب ضامرة و"النخبة" التي تتسيد المجال السياسي موبوءة بالجراثيم. ولو كانت ممثلة، حقا، للمجتمع اليمني لرأى العالم جرائم تطهير وكراهية في حواضر اليمن بدءا من العاصمة صنعاء [ وقد باتت بملايينها ال3، "اليمن" مكثفا ومصغرا] التي اجتاحها الحوثيون في سبتمبر الماضي وارتكبوا فيها، وانطلاقا منها، انتهاكات جسيمة ضد خصومهم السياسيين والايديولوجيين لكنها لم تشهد، مذّاك، أية جرائم كراهية ضد أي من سكانها، باستثناء العمليات الإرهابية التي استهدفت مساجد فيها بزعم أنها "حوثية". حتى في ذروة خطاب التحريض الذي اعتمدته أطراف سياسية خلال أغسطس الماضي بعد التطورات في عدن وتعز، لم تسجل في العاصمة صنعاء جرائم كراهية في أي من أحيائها.
هذه حقيقة تصيب "العصبويين"، بمحتلف ضفافهم، بالإحباط.
***
اليمنيون ليسوا ملائكة ولا هم شياطين.
هم بشر عاديون يقطنون هذه البقعة العربية الكانت "سعيدة" في غابر الزمان، هذه البقعة النفيسة لكن المعذبة والغارقة في الفوضى جراء ضجالات السياسيين وجهالات "الجماعات" الايديولوجية المسلحة ومناورات "الزعماء" الجوف، واطماع الفاعلين الاقليميين، التقليديين منهم والطارئين.
اليمنيون، في الغالب الأعم، بشر جميلون وطيبون وكرماء وأسوياء لم تشوههم الحروب والصراعات، ولم يسلبهم الطغاة والبغاة والغلاة أجمل ما فيهم.
اليمنيون العاديون لا يشبهون الرؤساء والزعماء والقادة الخرافيين والسياسيين الشعبويين، لا الخرس منهم ولا المطنطنين.
هذا وحده مدعاة للتفاؤل رغم العتمة التي تطبق على اليمن منذ شهور، ورغم الجهود الخارقة للمحتربين، الحاربين والمحروبين، من أجل إعادة تعريفهم جهويا وطائفيا، ورغما عن المخططات البائسة التي تتوسل إعادة صوغهم ضدا على "وطنية يمنية" تنبض في اللحظات الكبرى، كما هذه التي تعصف باليمن، رغم التشوهات والحفريات التي تخلفت منذ عقود وبخاصة بعد حرب 1994 وحروب صعدة.
هذه الحرب، المفعمة بالجهالات والمرصعة بالفظاعات، لها بالتأكيد مفاعيلها على شخصية "اليمني" العادي، وربما على شخصية هذا البلد العريق لكن الفتي، الفقير لكن الثري، لكن الأكيد انها عززت الرأي القائل بأن مشروعا وطنيا جامعا هو الكفيل بإخراج اليمن من فوضى "المشاريع التفكيكية"، وكشفت أن "مسلمات" السياسيين، بدءا من الرئيس هادي ومستشاريه، و"خرافات" العصبويين و"رطانات" القادة الشعبويين، ليست قطعا "حقيقة" و"حقائق" اليمنيين العاديين، الأنقياء والمحبين، الذين لا يشبهون أولئك الذين يريدون احتكار تمثيلهم باسم مشاريع عصبوية.
الحرب لما تأخذ، بعد، اليمنيين إلى "العرقنة" و"السورنة". والفرصة ما تزال ماثلة لاستنقاذ اليمن، الإنسان والهوية والكيان"، من مصائر أشقائه في شمال الجزيرة العربية وشرقها.

الجمعة، 4 سبتمبر 2015

أدار هادي الدولة بنهج سلفه فازدهرت النزعة "التبشيرية" وانتشرت فرقة "المرجئة"

اندحار الحوثيين من عدن لا يعني عودة الشرعية إلى عاصمتها المؤقتة

أدار هادي الدولة بنهج سلفه فازدهرت "التبشيرية" وانتشرت فرقة "المرجئة"

______________________________________________

أراد تحالف الحوثي_ صالح فرض حقائق سياسية على اليمنيين بالقوة فكانت هذه الحرب الأهلية اليمنية الاقليمية.
وأية محاولة من الخارج لفرض حقائق سياسية على اليمنيين باستغلال مشاعر السخط ضد تحالف الحرب الداخلية يعني تهيئة اليمن لحروب أهلية أشد بدائية لن تتوفر لها حتى "العناوين السياسية والوطنية" التي يحتشد اليمنيون، بالحق وبالإكراه، وراءها.
المؤمل أن تنتهي الحرب في أقرب وقت ممكن، بالسياسة، أساسا، إن أدت جهود المبعوث الدولي إلى إقناع الحوثيين وحليفهم الاضطراري (أو الاختياري) صالح بالالتزام بالقرار الدولي 2216. والبديل هو أن يتابع المحتربون، اليمنيون والفاعلون الاقليميون، مباراتهم الصفرية التي تجري لصالح "الشرعية" و"التحالف" لكن من دون معالم على امكان مشاهدة "بطل" يمني أو سعودي، مكلل بالغار في القريب.
اليمن ليس "ارخبيل" في عمق المحيط الهندي يستطيع طرف (محلي) أو تحالف اقليمي أن يعيد صوغه ب"الفهلوة" أو ب"الغطرسة". وخلال العامين الماضيين سقطت، تباعا، "فهلوة" الرئيس هادي وجماعة العصبويين والمنتفعين الذين يتحلقون حوله و"غطرسة" تحالف الحرب الاستحلالية الاستحواذية الإخضاعية التي توسل بطلاها _ ولكل دوافعه_ تحويل الفاقد من الدولة و"الثورة" جراء الاعيب "الفهلوية" إلى ركائز ل"شركة مساهمة" يتحكمان وحدهما بها ويتكرمان بتوزيع حصص من أسهمها على من يرغب بالالتحاق بهما باسم "حزب" أو "منطقة".
لكل حرب مقدماتها وسياقها وبيئتها الوطنية والاقليمية.
لكل محارب دوافعه وحوافزه وغاياته.
والثابت أن لهذه الحرب المستعرة في اليمن (وعليه) مقدماتها التي ظهرت منذ خريف 2012 عندما توهمت سلطة انتقالية جاءت بها ثورة شعبية أن بوسعها أن تتسلط على اليمنيين لمجرد أن "الشيطان" الذي خرج من الرئاسة يتوثب من اجل العودة ويوسوس في "صدور الناس"، حوثيين وغير حوثيين، الذين يقلقهم بروز "الاخوان المسلمين" في واجهة النظام الجديد.
في ذلك الخريف مانع الرئيس هادي وحكومة الوفاق، اتخاذ أية اجراءات بناء ثقة (وهي على أية حال واجبات والتزامات دستورية أكثر منها اجراءات اختيارية) في الجنوب وصعدة.
قررت السلطة الانتقالية (وأطرافها) أن مشكلة اليمنيين ليست في سلوك الرئيس السابق الذي استأثر بالسلطة وشن الحروب ورعا شبكة فساد خلال سني حكمه لتكريس دولة "غلبة" و"امتيازات" تدر على الأقرباء والمقربين بالامتيازات. وكان مؤدى هذا التوجه أمران: أن ثورة فبراير _ ومن قبلها الاحتجاجات الشعبية في الجنوب_ لم تكن مبررة فالنظام الجديد الذي أفرزته طبق المبادرة الخليجية لا يفعل شيئا لمعالجة المظالم ورد الحقوق بما يوحي أن لتضحيات شباب الثورة والحراك الجنوبي مفاعيلها بعد إزاحة صالح من الرئاسة؛ وان النظام (بمنظريه التبشيريين) مضطر إلى اختراع ذرائع جديدة (إرجائية) لتبرير المحاصصة والتقاسم المخزي للإدارة والموارد ولتسويغ تلكؤه في انهاء المظالم ورد الحقوق للمظلومين.
كذلك التفت الرئيس هادي ومستشاروه عن مهام المرحلة الانتقالية المقررة في المبادرة الخليجية، وانغمسوا في الترويج لمهام جديدة قالوا إن تحقيقها سيأخذ اليمنيين إلى جنات النعيم في "العربية السعيدة". هذا الانقلاب استوجب لاحقا جلب "شكل الدولة" إلى طاولة الحوار السياسية (أو الوطني) حيث ينظر في قضايا اصلاح النظام السياسي والبنية التشريعية.
على الدولة "الغنيمة" تكالب هادي وبطانته من قادة الأحزاب والأفاكين الذين يعيدون تكييف مواقفهم وضبط "ايقاعهم" مع قدوم حاكم جديد، تماما كما فعل الرئيس السابق. وفي الموازاة علت موجة عارمة من التبشير بدولة "عادلة" تنتظر اليمنيين عند نهاية "حوار وطني".
إلى التبشير، جرى تكريس خطاب إرجائي يمهل "الفاسدين" ويعد "الطيبين" الصابرين ب6 فراديس تتنزل على اليمن.
لا عجب!
إذا كانت مشكلة اليمنيين تتلخص في شكل الدولة وفي طبيعة النظام السياسي وفي نوعية النظام الانتخابي فلماذا يُصار إلى تحميل الرئيس السابق ونظامه وشبكة المصالح التي رعاها، مسؤولية معاناة اليمنيين وحرمانهم من حقوقهم؟
إذا كانت مشكلة اليمنيين هي في "شكل الدولة" وفي طبيعة "النظام السياسي" وفي نوعية "النظام الانتخابي" فبأي جرم يحرم الرئيس السابق من المشاركة في السلطة ومن المساهمة في صوغ مشروع دولة جديدة للمستقبل؟
إذا كانت المشكلة في الدستور النافذ فماذا هو جرم الرئيس السابق الذي يبرر الثورة عليه؟
***
لم يكن رجال السلطة الانتقالية محض حملان ساقها الغباء إلى براثن "الوحش" المزدوج: صالح والحوثي.
الثابت أنهم، في أغلبهم، رجال السلطة السابقة. وكثيرون منهم كانوا رموز "فساد" السلطة التي ثار عليها الشعب. وعديدون كانوا شركاء في جرائم العهد السابق (وما قبله من عهود). ومنهم من قتل بيده أو تواطأ على جرائم يندي لها جبين أي ثائر.
ليسوا محض بشر طيبين هؤلاء الذين انتقلوا بعد خراب "صنعاء" و"عدن" إلى الرياض السعودية بعد ان تبخرت "الفراديس اليمنية" بحرائق الحرب!
فالثابت أن أبرزهم كانوا من "فرسان" حرب 1994. واغلبهم تمتع بمغانم اجتياح عدن في 7 يوليو 1994، ومنهم من وضع يده على أملاك وعقارات للدولة وللحزب الاشتراكي وللمجتمع المدني وللمبادرات الأهلية (التعاونيات مثلا) وللمواطنين.
لم يقطنوا أبدا ضفة "الأخيار". فعلى مدى عقود في الخدمة العامة، مدنية أو عسكرية، راكموا ثروات واستفادوا من مكرمات (رئاسية او أميرية او ملكية) وتمتعوا بامتيازات "الغلبة" التي قهرت مواطنيهم.
من كان سجله عامر بالغزوات (الوطنية) وبالفتوحات في خزائن الدولة لا ينتظر منه الانتصار ل"سيادة القانون" ومبادئ "العدالة الاجتماعية".
من كان سجله مرصع بجماجم الشهداء و"عذابات" المختفين قسريا واسرهم، لا يقيم عدالة، لا جنائية ولا انتقالية.
من عمل في خدمة الرئيس السابق صالح عقودا مديدة، مشاركا في الفساد ومتصدرا في الحروب ومبادرا إلى قمع المعارضين ومنمقا للعبث بالدستور ومباركا لتزوير الانتخابات، لا يؤتمن على "ُورة" بلّك ان يكون رائدا لها أو إبنها البار!
الثابت أن الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي لم يكن سيئ التقدير عندما رفض بعنت وكبر تنفيذ النقاط ال20 اللازمة لإنجاح أي "حوار وطني" في اليمن بعد ثورة 2011.
الثابت أن اغلب مستشاريه وكثيرين من مساعديه وبعض المعارضين الطائرئين لصالح الذين عادوا إلى السلطة من على موجتي الثورة الشعبية والحراك الجنوبي، كانوا في عهد "صالح" من "الصحابة الأولين" أو من "المؤلفة قلوبهم". ويمكن حصر أملاك هؤلاء في عدن بعد 94 لمعرفة أسباب توافقهم على رفض تنفيذ "بديهيات" تتعلق بممتلكات منهوبة وحقوق مواطنين مسلوبة.
***
استنقع الرئيس هادي وأغلب رجال المرحلة الانتقالية في الفساد، وجعلوا من دماء الشهداء والجرحى وتضحيات الشعب اليمني خلال العقدين الماضيين "حاملا"، اخلاقيا ثوريا، لارتكاب الموبقات.
شاع الفساد، متسربلا بالثورة المغدور بها من رجال صالح ومعارضية في السلطة الانتقالية، فعلت موجة التبشير بدولة أخرى من فراديس (6 او أقل)، وازدهرت فرقة "المرجئة" في يمن القرن ال21، ذلك أن الفراديس المنتظرة تستلزم الصبر على فساد هادي وعدم جدارته، وطول البال على "الموبقات" التي تحدث في عهد ما بعد الثورة، وتفهم التقاعس الرئاسي والحكومي في الاقتصاص لمرتكبي الجرائم المشهودة والمروعة في قلب العاصمة وفي الحواضر اليمنية الغارقة في العنف. [للتمثيل يمكن استدعاء حالة الشهيدين الخطيب وأمان اللذين اهدر حقهما في القصاص من القتلة بمناورات من الرئيس هادي ومساعديه وبرطانات وطنية صدرت من اعضاء "هيئة رئاسة مؤتمر الحوار الوطني"]
***
من صعدة إلى عدن اعتمدت السلطة الانتقالية منهج الرئيس السابق في إدارة الدولة بالامتيازات وبرعاية شبكات فساد محلية من دون أن يؤدي ذلك إلى تعديل حقيقي في اوزان الفاعلين لصالح "الرئيس الهادي" ومستشاره "المحسن" ضدا على "الرئيس الصالح".
في موازاة الإفساد، شاعت النزعة التبشيرية خصوصا بين قادة أحزاب المشترك وأولئك "الطحلبيين" الذين صدرتهم ساحات الثورة إلى قصور السلطة وفنادق السياسة.
وإلى التبشيرية، انتشرت فرقة "المرجئة" التي تمارس الوعظ في الفضائيات والمجالس داعية الشعب إلى الصبر والثبات والصلاة إلى أن تقوم "الدولة الفدرالية" التي ستعيد لكل ذي حق حقه، فيصير الناس شركاء في السلطة والثروة.
***
بالفساد والتبشير والإرجاء سقط اليمن في "الحرب".
والآن، فإن فراديس هادي وشلة المبشرين في الرياض (وبخاصة أنصار هادي)، غير مقدر لها أبدا أن تتنزل على "اليمن الديمقراطي والموحد والمستقر".
وما يجري في عدن (العاصمة المؤقتة للجمهورية اليمنية) يؤشر على حقيقة صادمة: إن الأسباب التي أدت إلى سقوط العاصمة صنعاء في قبضة الجوثيين ماثلة الآن في عدن التي باتت بعد دحر الحوثيين، تحت رحمة "مقاومات" وتهديد "ميليشيات" مسلحة كالقاعدة.
وليس مفاجئا _ لي على الأقل_ أن الرئيس هادي على عهده قبل انتقاله إلى الرياض، متقاعسا ورتيبا وضحلا. مثلما أنه ليس من المدهش أن يعاود التبشيريون التبشير والإرجائيون الإرجاء بينما الحرب تذيب جلود اليمنيين وتمزق نسيجهم الوطني وتحرق "الوعود" التي انتظروها في عدن، بعد صنعاء، وتبخرت في "الرياض".
***
هناك أخطاء فادحة ارتكبها المبشرون (هادي وقادة المشترك) في مستهل المرحلة الانتقالية أدت إلى هدر فرص انتقال اليمن إلى حالة دستورية مستقرة.
قدم هذه الأخطاء لا يجعل منها حقائق.
وهناك فرصة أخرى سانحة لإعادة تصميم مرحلة انتقالية (جديدة) على ضوء المرجعيات الوطنية والاقليمية والدولية، ويما يعيد ل"البديهيات" اعتبارها (وأهم هذه البديهيات استنقاذ الدولة من التفكك والمجتمع من الفوضى أولا قبل أية تهويمات تتعلق بتصورات مستقبلية) وبما يساعد على الحد من الجماعات والفرق الهدامة، التبشيرية والإرجائية والأنصارية، وبخاصة المسلحة منها.
انهاء الحرب اولا.
توافق على سلطة توافقية لمرحلة انتقالية جديدة ينظمها اتفاق إطاري بضمانات دولية وعربية.
إعادة بناء أجهزة السلطة وأدواتها في العاصمة والوحدات المحلية.
بناء مؤسستي الجيش والأمن بمقتضى معايير وطنية.
حل المظالم ورد الحقوق والإعمار.
ثم حوار على المستقبل يوفر لليمنيين فرصة تصميم مشروع توافقي للمستقبل، مشروع دولة مواطنة وسيادة قانون، دولة لليمنيين لا دويلات عليهم، دولة تصون كرامة كل يمني وكفل توزيعا واقعيا _ لا تبشيريا_ للسلطة في المركز وفي المحافظات (او الاقاليم)، دولة مزايا (اليمن العريق المتنوع المتماوج المتناغم) لا دولة امتيازات (موروثة من حقبة صالح) ولا دويلات عصبوية (يبشر بها هادي) تجعل من اليمنيين أقليات على أرضهم، اقليات مهمشة مستلبة الحقوق ومنتقصة الكرامة.

الثلاثاء، 1 سبتمبر 2015

أيتها الشرعية: كم من الفظاعات ترتكب باسمك!


الهدف المعلن لحرب التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن هو إعادة الشرعية إلى العاصمة صنعاء. وهذا الهدف _ بالنفوذ السعودي_ صار مشرعنا بقرار من مجلس الأمن، صدر تاليا على "العاصفة" السعودية_ العربية.
إذا أمكن تحقيق هذا الهدف عبر التزام شريكي الحرب الداخلية (الحوثي وصالح) بتنفيذ القرار، فمن شأن ذلك أن يساعد اليمنيين على إدارة عملية سياسية توفر فرصا لبناء توافق على غرار ما جرى في 2011 وتعطل، كليا، في يناير 2015 بانقضاض الحوثيين على مقار السلطة في العاصمة صنعاء.
إذا التزم شريكا الحرب الداخلية ببنود القرار [وهناك مصادر حسنة الاطلاع بما يدور في مسقط، تتحدث عن موافقة مبدئية عليه_ لا تعامل ايجابي فحسب] لكن الرياض وحلفاءها ووكلاءها اليمنيين استمروا في العمليات العسكرية، فإن على مجلس الأمن الدولي التدخل من أجل وقف الحرب.
***
وجهة الحرب تبدو محسومة لصالح "الشرعية" التي تتقزم مؤخرا لتصير محض "حلفاء السعودية" في اليمن. ف"شرعية" مرموز إليها بالرئيس هادي وحكومة بحاح لا تستحق كل هذا العناء. لكن "شرعية توافقية" تحول دون انفراد طرف من أطراف العملية السياسية في اليمن بفرض حقائق سياسية بالقوة، هي ما يمكن أن يمنع اليمن من السقوط في الهاوية.
القوة تغري وتغوي. ودول التحالف العربي تبدو عازمة على الذهاب إلى ما هو أبعد _ ولكن أدنى_ من الهدف المعلن ل"العاصفة" القاصفة، ول"الأمل" الذاوي، ول"السهم" النحاسي!
ف"الشرعية" بلا مظاهر دالة عليها إن في مسقط حيث يدير المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ مفاوضات غير مباشرة بين الحوثيين والرياض، وفي الرياض حيث يستطيب رموز هذه الشرعية الإقامة وينغمس أنصارها في ترتيب اوضاعهم الشخصية والعائلية والمهنية، وفي عدن حيث تقدم "الشرعية" نموذجا منفرا لليمنيين في مختلف المحافظات جراء تقاعسها عن الوفاء بمسؤولياتها في حفظ الأمن وصون السلم الأهلي وحماية "الأنفس" والممتلكات و"حقوق المواطنة" التي يتم انتهاكها من بعض المجموعات المنفلتة التي تزعم الانتساب إلى "المقاومة".
"الشرعية" ليست "الصك" الأبدي في حقيبة سفر الرئيس هادي، الذي يلوح رائق المزاج في الرياض غير معني _ كما كان حاله في محطات سابقة قبل المحطة السعودية_ بمؤشرات انفلات الأوضاع أمنيا في عدن ومحافظات يمنية اخرى باتت خاضعة لسلطته.
الرئيس هادي ومساعدوه يبشرون اليمنيين في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين وحلفائهم، بعودة "الشرعية" وشيكا وبتحريرهم من عنت "الميليشيات الانقلابية" بينما اليمنيون في العاصمة وهذه المحافظات لا يرون معالم هذه "الحرية" ولا يلحظون أية مظاهر على "شرعية" عادت إلى المناطق المحررة.
أخطر من هذا الغياب المخزي ل"الشرعية" في عدن ومحافظات أخرى، يتعالى خطاب عصبوي مرصع بالانعزالية من قبل "انصار" هذه الشرعية في المحافظات الخاضعة لها.
ليت هذا فحسب!
إذ أن وقائع محزنة تندرج ضمن جرائم كراهية، تقع في اليمن "المحرر" من دون أن تحرك هذه "الشرعية" ساكنا من أجل التصدي لها. أو الخروج علنا من مقارها في الرياض لإدانتها وذلك أضعف الإيمان.
بماذا يبشر "الشرعيون" اليمنيين في صنعاء وذمار وإب وتهامة وصعدة وعمران وحجة والجوف؟
أين هي الشرعية "الجاذبة" التي تستنهض اليمنيين، بمن فيهم جمهور الحوثيين، من أجل الالتفاف حولها.
ما هي الفروق المائزة بين هذه الشرعية وبين الخارجين عليها؟
خلال الأشهر الماضية، وبخاصة منذ ستمبر الماضي، ارتكب الحوثيون جرائم مروعة (كالقتل والإخفاء القسري والتعذيب والتنكيل الاجتماعي وتفجير الممتلكات الخاصة ومصادرة الحقوق السياسية وقمع الحق في التعبير ونهب وسائل الإعلام الخاصة والحزبية والاستحواذ على وسائل الاعلام الحكومية)، ارتكبوا هذه الجرائم ضد خصومهم السياسيين والايديولوجيين بل وضد ناشطين شباب ومستقلين يرفضون انقلابهم.
لكن في ما يخص الحقوق المدنية والشخصية، وفي حال استمر هادي وبحاح والناطقين باسم الحكومة في الرياض في تجاهل الجرائم التي بدات تتخذ طابعا ممنهجا، هل تكون الفروق في صالح هذه "الشرعية" أم تكون خصما منها؟
***
اليمنيون في أغلبيتهم الساحقة يريدون "الدولة" لا "الديولة" _ على حد تعبير الأستاذ هائل سلام.
يتطلعون إلى سلطة مسؤولة لا تسلط فئة أو جهة أو شبكة مصالح أو ميليشيات مقنعة يايديولوجيات.
يتشوقون إلى رحابة مشروع وطني جامع لا إلى "مغازل" عنصرية تستلب كرامتهم وتنتهب حقوقهم على مرأى ومسمع من كل "الشرعيين" في الرياض.
***
الحرب في اليمن، كما هي منذ اندلاعها قبل عام، بلا أبطال وبلا قادة وبلا مشروع وبلا وعود كبرى.
هي حرب الجوف الصغار، وحرب "خرافات" و"صغائر" الميليشياويين الذين يتدثرون بشرعيات قاتلة.
"الشرعية" في وضعية "التباس".
تارة هي كلمة الحق في وجه الانقلابيين.
وهي تارة أخرى "قميص عثمان" يتدثر به "الشرعيون" والعصبويون، ايديولوجيين وجهويين، ومن خلفهم الحلفاء الاقليميون المهجوسون ب" الهلال الشيعي"، ليحاربوا "شيعة" اليمن المفترضين في "اقليم آزال"!
من هذه الزاوية، فإن تفكيك الدولة اليمنية و"تطييف" اليمن عبر تعزيز جماعات عصبوية مسلحة تتوسل احتكار تمثيل اليمنيين، باسم الله أو باسم شريعته السمحاء، لن يكون مجرد "شطحة" ايديولوجية أو ثورجية عابرة.
***
أيتها الشرعية: كم من الجرائم ترتكب باسمك!

اكتشاف خطير ل"الشرعية": محور تعز يتبع قيادة المنطقة العسكرية الرابعة في عدن!

        تفاءلوا يا سكان مدينة تعز، فالقائد الأعلى للقوات المسلحة في اليمن (رئيس الجمهورية) اكتشف اليوم أن مدينتكم تقع في نطاق المنطقة العسكرية الرابعة (مقرها عدن). وأن محور تعز يتبع عسكريا المنطقة الرابعة. ذلك ما يشير إليه خبر اتصال أجراه الرئيس مع قائد القوات المشتركة لدول التحالف العربي.
        

     استنقاذ الجمهورية اليمنية من فوضى الميليشيات والجماعات العصبوية يستدعي من هادي وجماعة الرياض التنازل _ مؤقتا على الأقل_ عن مشروعهم الطوباوي الذي يتوهمون أن هذه الحرب الكارثية يمكن أن تسرع بتنزيله من خلال التحكم بمسرح العمليات العسكرية طبقا لخطوطه الافتراضية.
         حرب دول التحالف العربي تستهدف، في ما تستهدف، إعادة الشرعية (التوافقية) إلى عاصمة الجمهورية اليمنية، وهي بالتالي "حرب تحرير" للمحافظات التي تخضع لسلطة الانقلابيين، وليست حرب تأسيس كيان يمني (أو كيانات يمنية).
 

          الشرعية لا تتجزأ. والشرعية التي شنت الحرب من أجلها وصدر قرار مجلس الأمن لشرعنتها، هي شرعية السلطة التوافقية في "الجمهورية اليمنية" وليست شرعية سلطة غير موجودة لدويلات على الورق.
 

         منذ أسابيع وتعز تسدد ضريبة فادحة جراء حسابات العصبويين على ضفتي الحرب الذين يحتربون طبقا لحسابات محض سياسية وفئوية وتفاوضية حولت شباب المدينة ونسائها وأطفالها وشيوخها إلى "كرت" في "صدام الجهالات" في تعز؛ طرف يتوسل تحسين موقفه التفاوضي عبر إخضاعها، وطرف آخر يتوجس من احتمالات تعطيل مخطط تقسيمي (خرافي) لليمن قيد التنفيذ، في حال تحريرها الآن.
 

     الشرعية لا تتجزأ. واليمنيون يتعذبون جراء تحالف داخلي أراد مطلع العام تقويض هذه الشرعية بحروب إخضاع اليمنيين وتحالف عربي يريد أن يعيد هذه الشرعية بدحر التحالف الحربي الداخلي.
       اليمنيون يتعذبون وكيانهم الوطني ينزف لأن "الشرعية" منذ 2012 هي العدو الأول ل"الشرعية"، وهذا وحده تأويل الأكتشاف المتأخر لرموز هذه "الشرعية" بأن محور تعز يتبع المنطقة العسكرية الرابعة!
      لدى الرئيس الشرعي والقائد الأعلى دولته الافتراضية لا هذه الدولة التي يكتوي شعبها بالحرب. ولذلك فإنه من المفيد تزويده، باستمرار، بأقراص تنشيط للذاكرة، إن لم يكن من أجله فلأجل اليمنيين الذين يحاربون الحوثيين وحلفاءهم من أجله هو!