الجمعة، 11 سبتمبر 2015

حروب احتكار تمثيل جديدة تنتظر اليمنيين بعد الانعطافة القادمة!

 _ في 94 اندلعت حرب احتكار التمثيل الأولى التي تناسلت منها الحروب جميعا

       _ المغامرة الحوثية انتهت بموافقتهم على القرار الدولي

      _________________________________________


   
         حروب احتكار التمثيل بعد إعلان الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990، بدأت في مايو 1994 بالحرب التي استهدفت إخراج الحزب الاشتراكي والانفراد، باسم "الشرعية"، بحكم "اليمن الكبير".
         أدت تلك الحرب، وما تلاها، إلى ضرب المضمون الديمقراطي للدولة اليمنية الواحدة وتكريس "دولة الامتيازات" السلطانية في الشمال وتعميمها جنوبا أو بتعبير الأديب اليمني الراحل عبدالله البردوني، "توسيع اقطاعية صالح جنوبا"!

         في 2004 نشبت حرب من طبيعة مختلفة في الشمال ضد حماعة الحوثيين.
الثابت أن هذه الحرب، رغم طبيعتها المختلفة، تشكل استمرارية لحرب 1994، ذلك أن الحرب الأولى التي ازاحت الحزب الاشتراكي اليمني من السلطة واخفقت في تعويض الانكشاف السياسي في الجنوب، الناجم عن إزاحة الاشتراكي بالسلاح من السلطة، على مدى عقد كامل، نقلت التناقضات بين صالح وحلفائه إلى ذاخل المعسكر المنتصر، خصوصا مع نزوع صالح إلى تركيز السلطة في قبضته على حساب كل الحلفاء الحزبيين والعسكريين والجهويين والتقليديين (حلفاء حرب 94)، وقد حرك الصراع على السلطة في العاصمة رواسب بقيت من حرب الستينات في الشمال ووفر مشتلا لتنامي حضور جماعة صغيرة يقودها حسين بدر الدين الحوثي في صعدة تناهض "الشيطان الأكبر" في شعاراتها لكنها في حركيتها تصطدم بتوجهات الرئيس صالح في ما يخص "التوريث" وتخرق تفاهمات مع قائد الجماعة (وربما اخرين أيضا) تتصل بأولويات الجماعة واهدافها التي تتمحور حول الحد من "التجمع اليمني للإصلاح" والتنافس مع "السلفية" في سياق منهج الرئيس صالح المضارب بين المكونات الحزبية والايديولوجية والاجتماعية.
 

       من المفيد الإشارة هنا إلى التزامن بين حرب 2004 وبين تنامي تركيز السلطة وأدوات القوة وهيئات الدولة في قبضة الرئيس ولصالح حزبه والدائرة الأضيق من الأقارب.
      

       والاهم أن الحرب جرت بالتزامن مع تسارع وتيرة التوريث عبر تقدم نجل الرئيس صالح في الجيش وتنصيبه قائدا للحرس الجمهوري الذي حظي برعاية "الشيطان الأكبر".
 

      كان ملف التوريث حاضرا في حرب صعدة الأولى بأكثر مما تصوره كثيرون حينها. فالنظام الجمهوري الذي نشأ في الشمال عقب ثورة 26 سبتمبر 1962 انهى حكم الائمة لكنه لم ينجز اهداف الثورة الأخرى بما يحقق القطيعة النهائية مع الماضي.
 

        من دون الانتقاص من أية تضحيات وتجنبا للاستغراق في المسار التاريخي للدولة في الشمال، يمكن القول إن أحد مكتسبات ثورة سبتمبر التي بقيت (بما تمثله من رمزية) هو إنهاء التوريث في الموقع التنفيذي الأول في الدولة. كذلك تعاقب الرؤساء على السلطة منذ سبتمبر 1962 من دون أن يورث أحدهم الرئاسة إلى أحد من ابنائه أو اقاربه.
لأسباب تتعلق بالتاريخ الحديث لليمن، فإن الموقع الأول في الدولة (وربما أيضا مواقع رفيعة أخرى في الجيش والأمن) صار حكرا على فئتين في التراتبية الطبقية (الهرم الاجتماعي التقليدي في يمن ماقبل 1962) هما القضاة وأبناء القبائل العاديين العسكريين، ومحظورا لأسباب سياسية واجتماعية على فئتين هما "السادة" و"كبار المشايخ". لكنه جغرافيا ظل محجوزا لأبناء المرتفعات الشمالية في اليمن التاريخي (الجغرافيا الزيدية) حيث المنجم التاريخي للائمة والقادة العسكريين والمشايخ القبليين الأقوياء.
من يتتبع الخلفيات المهنية والاجتماعية للرؤساء في الشمال يمكنه التقاط الخط العام لتوزيع القوة السياسية والاجتماعية خلال العقود الأربعة اللاحقة على ثورة سبتمبر.
 

        في البدء أطاحت الثورة ببيت حميد الدين من الحكم، وأطلقت وعودها الكبرى بخصوص الجمهورية والعدالة الاجتماعية. لكن الحرب الأهلية ثم الانشقاقات في المعسكر الجمهوري اضعفت إلى حد كبير جيش الثورة، وعززت قوة شيوخ القبائل.
عندما قامت دولة الوحدة في 90 كان الجيش (غير الثوري بقيادته العصبوية) هو من يحكم الشمال، بالتحالف مع كبار المشايخ.
 

       بعد 94 بدأ العسكري (القبيلي العادي) الذي يحكم الشمال ثم اليمن الكبير، يخترق "آخر المحرمات الجمهورية" بإصراره على إضعاف الحلفاء جميعهم لصالج توريث الرئاسة لنجله الأكبر أحمد.
 

         هذا التوجه الخطير شكل استفزازا لا يحتمل في الدائرة الصيقة للرئيس. كذلك بدات التصدعات في معسكر المنتصرين باسم الشرعية في حرب 1994.
 

       خسر صالح أولا بعض أعضاء الشبكة الحاكمة العسكريين، وحامت الشكوك حول ملابسات انفجار طائرة هيلوكبتر في حضرموت على متنها 2 من أبرز القادة العسكريين من "العصبة" العسكرية الحاكمة.
 

        في نهاية التسعينات اعترى الفتور علاقته بالشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الذي عبر صراحة عن انزعاجه من سلوك صالح "التوريثي".
 

        في مطلع العقد الأول من القرن الجديد كانت دائرة المستائين تتسع لتشمل مشائخ كبار اخرين وأبرز رجال البيروقراطية اليمنية، فضلا على أقرب المستشارين.
 

          في منتصف العقد الماضي (2004) كان الحوثيون يتقدمون في خطابهم المعارض ضد صالح ليشمل نقد سلوكه العصبوي العائلي الذي يضع مقدرات الدولة اليمنية في أيدي ابنائه وأبناء اشقائه.
                          ***  

       أراد صالح غرس "الملكية" في مشتل "الجمهورية" الباقي من الثورة الوطنية اليمنية في مطلع الستينات، شمالا وجنوبا، فتسممت العلاقات في الدائرة العسكرية_ القبلية التي تستحوذ على السلطة منذ نهاية السبعينات.
   
          مثل "التوريث الجمهوري" استفزازا لمشاعر اليمنيين عموما، لكنه استفر بدرجة اعلى شدة، كل الأقوياء في محيط صالح الذين يضعفون تدريجيا.

        بكلمة أخرى، فإنه إذا كان مسموحا ل"العسكري القبيلي" أن يحكم وأن يراكم قوته وثروته ونفوذه ويمد في سنوات حكمه ب"الانتخابات التجديدية" قبلوية الأحكام، فإنه من غير الجائز أن يستثمر مركزه في الدولة ليتحول من "حاكم فرد" إلى "سلالة حاكمة".
 

       وفي ما يخض الحوثيين، بشعاراتهم الاسلامية وبمظلومية (مفترضة) منذ الأطاحة بالحكم الإمامي، فإن توريث الحكم في بيت غير هاشمي، لا يمثل استفزازا "جمهوريا، فحسب، وإنما محفزا لمشروع فكري وسياسي لا يظهر انه مرتبط روحيا بثورة سبتمبر قدر ما يظهر في تعبيراته مناوئا لها.
 

      وإذا كان من يحكم بشرعية سبتمبر يعمل على تحويل الجمهورية إلى ملك عضوض، فماذا بقي من اخلاقية للثورة التي أنهت حق "السادة" من "البطنين" في حكم اليمن؟
 

      كذلك صار التوريث "كعب أخيل" صالح الذي عبرهـ ومن خلال "الضرب" المتواصل عليه من كل الحلفاء الساخطين، سقط حكم "الرئيس الجمهوملكي" في 2011. فقد قامت ثورة شعبية (في فصل "الربيع العربي" المبكر نوعا ما، ترفض، في ما ترفض، التوريث، انضم إلى شبابها حلفاؤه جميعا منذ 1978 ثم بعد 1994، مشايخ وعسكريين وأحزابا و"إخوان" وحوثيين وجنوبيين (ما تبقى من جماعة الرئيس الأسبق علي ناصر محمد في تحالف السلطة وابرزهم هادي).
                       ***
 

        في 1994 اندلعت حرب أولى بعد الوحدة انهت مبدأ الشراكة في الدولة الجديدة وقوضت مكتسبات "الوحدة" وبخاصة الديمقراطية التي ضاق هامشها حد الاختناق لولا الإبقاء على مساحة محدودة جدا ل"حربة الصحافة" ظلت تذكرة بالوعود الكبرى ل"الوحدة اليمنية".
 

        كانت تلك حرب احتكار التمثيل الأولى، في دولة الوحدة اليمنية، التي تناسلت منها حروب صعدة ال6، ثم حروب الحوثيين الاستردادية، وهذه الحرب اليمنية الاقليمية باسم "الشرعية".
                   ***
 

         اطاحت الثورة الشعبية في 2011 بحكم الرئيس صالح. ودشنت حروب تمثيل جديدة داخل "الجغرافيا الزيدية" وجغرافيا اليمن السياسي الذي صارت حدوده هي، بالتقريب، حدود اليمن التاريخي (منقوصا منه المخلاف السليماني).

          لأسباب سبق لي عرضها في مقالات (ومنشورات) خلال العامين الماضيين، وفر أداء السلطة الانتقالية أسباب اندلاع "حروب احتكار تمثيل" جديدة في اليمن.
في مطلع 2014 قرر الرئيس هادي وحلفاؤه، الإصلاحيون أساسا، تفكيك الدولة اليمنية إلى 6 أقاليم أحدها اقليم "آزال" الذي تتركز فيه "القوة" رغم التصدع في جبهة حكم صالح. كان الأقليم يمثابة الأرضية الصلبة ليتنزل عليها مشروع الحوثيين السياسي الذي ظهرت معالمة في "الوثيقة الفكرية" للزيدية التي وقع عليها زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي في مطلع 2012 (دلالة التاريخ مهمة هنا).
 

          في العام الماضي بدأ الحوثيون، مع حلول الصيف، حروبهم الاستردادية في عمران ثم في الخريف اجتاحوا العاصمة ومنها توسعوا إلى اغلب محافظات الشمال والوسط.
 

           في يناير احتل الحوثيون المربعات الأمنية للرئيس هادي في العاصمة وفرضوا عليه الإقامة الجبرية. فكانت الحرب الأشد دموية في تاريخ اليمن.
                     ***
 

           من المرجح ان تنتهي هذه الحرب بتسوية تلزم الحوثيين وصالح (أو ما يمكن وصفه بالتحالف الاضطراري بين الزيدية العقائدية _ طبق النسخة الحوثية_ وبين الجزء الخاسر من الزيدية الجغرافية في 2011) بتنفيذ بنود القرار الدولي 2216.
لكن على اليمنيين، من أجل مستقبل مغاير، إعادة صوغ الأسئلة المتعلقة بالحرب وبالمسار السياسي:
_ هل كانت هذه الحرب حتمية أم أن مسارا سياسيا وفر عوامل اندلاعها، أو على الأقل شجع تحالف (الحوثي_ صالح) على شنها؟

_ مع مراعاة التفاوت في القوة والتمايز في أسباب نشوء الجماعات المسلحة في اليمن خلال العقدين الأخيرين (منذ حرب 1994) هل تساعد مشاريع الفدرلة (بما هي مشاريع عصبوية تبشيرية) على تهميش جماعات احتكار التمثيل (باسم الله أو باسم شريعته أو باسم مظلوميات فئوية وجهوية) أم توفر مشاتل لازدهارها؟
_ هل خبرة اليمنيين ورعاة العملية السياسية (العرب والدوليين) مع "السلطة الانتقالية" تعزز ثقتهم فيها أم تسخِف أية رهانات معقودة عليها حتى في حال التزم الحوثيون كليا بالقرار الدولي؟
_ ماذا عن خبرة المكونات الحزبية والاجتماعية اليمنية الموالية "للشرعية التوافقية" والرعاة الاقليميين والدوليين للعملية السياسية الانتقالية في اليمن مع أداء هذه "الشرعية" في أشهر الحرب، أهو أداء يعيد النظر في التقييم السلبي السابق لهذه السلطة أم انه يكرسه؟
                          ***
 

           الحرب في اليمن مستعرة منذ مارس الماضي. وقد سبقتها حروب استردادية الطابع، منذ صيف 2013 (حرب اقتلاع السلفيين من دماج). وهي مرشحة لخاتمة في الأمد القصير.

          هذا ما يأمله أغلب اليمنيين بمعزل عن دوافع وغابات المحتربين جميعا.
مبدئيا، يمكن القول بتحفظ إن أحد مشاريع احتكار التمثيل في اليمن، مشروع الحوثيين أقصد، يذوي، راهنا، بعدما كبّد اليمنيين كلفة مادية وبشرية و"وطنية" فادحة، فهذه الحرب تحد من خطورة هذا المشروع نسبيا.
         لكن ماذا عن مشاريع احتكار التمثيل الأخرى، الايديولوجية والجغرافية؟
                        ***
 

              الظاهر هو انها تزدهر منذ سنوات، وبخاصة منذ شهر مارس، جراء افتقار اليمن إلى مشروع وطني جامع يأخذ اليمنيين إلى رحابة المستقبل.
 

            الأكيد أن مشاريع ماضوية متعددة تتجاذب اليمنيين في ظل انعدام هذا المشروع الوطني وافتقار اليمنيين إلى قيادة سياسية مقتدرة تتوافر على الحد الأدنى من "وقر المسؤولية"!
 

           المرجح ان هذه الحرب الأهلية اليمنية_ الاقليمية، تمنح أفضلية لكل مشاريع الاحتكار الجهوية والايديولوجية المناوئة للحوثيين، ما يفرض حساسية فائقة حيال حركية هذه الجماعات في واقع يمني يوفر بيئة مثلى لازدهار جماعات مسلحة تستثمر في الاحباط والفوضى لتعزيز نفوذها في مساحات من جغرافيا الدولة والمجتمع، أخلتها السلطة الشرعية والأحزاب والتحالف.
                       ***
 

               خاتمة الحرب الراهنة مرجحة عما قريب.
            لكن الأكيد أن اليمن مقبل على حروب اهلية أشد دموية بين مشاريع احتكار التمثيل (وجماعاتها المسلحة) في السنوات المقبلة في حال نجح مخطط تفكيك الدولة اليمنية الذي يبشر به هادي ومستشاروه، وترعاه الرياض وواشنطن ولندن.

الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015

62 تغريدة صنعائية في حب "التي حوت كل فن"

62 تغريدة صنعائية في حب "التي حوت كل فن":
من يبغض صنعاء فإن له معيشة ضنكا*

______________________________
(إلى الشهيد الخالد علي عبدالمغني في ذكرى ثورة سبتمبر)

1 _ من يناصر الشرعية في اليمن لا يتورط في إهانة اليمنيين أو فئة منهم أو مذهب من المذاهب التي يعتنقها اليمنيون أو مدينة من مدن اليمن العريقة.
2 _ صنعاء، كمفردة، تعني القلعة. وصنعاء اليوم، بما هي "اليمن" مصغرا ومكثفا، هي حصن "الوطنية اليمنية". ومن العار على أي عربي أن يتوعد بتدميرها.
3 _ صنعاء وصعدة وذمار مدن يمنية عريقة، ومن الخفة والضحالة تصوير هذه المدن باعتبارها مدنا حوثية.
4 _ من يناصر "الشرعية" مطالب باحترام المشاعر الوطنية لليمنيين. ما هي الشرعية ان لم ترتكز على الهوية الوطنية لليمنيين؟

5 _ تغيرت قسمات اليمن وتضاريسه السياسية والاجتماعية عديد المرات خلال الألفي سنة الماضية، لكن حواضره العريقة المأهولة بقيت حاضرة تنبض بالحياة.
6 _ صنعاء انغرست في ذروة الهضبة اليمنية قبل 3000 الف عام. وبقيت حيث هي رغم الاحتلالات والاجتياحات والاستباحات التي استهدفتها على مر تاريخها.
7 _ من أسباب نكبة اليمن الراهنة أن كبار المسؤولين فيه يجهلون ما تعنيه صنعاء لليمنيين، وما تؤديه من وظائف سياسية واجتماعية وثقافية لكل اليمنيين.
8 _ في حقبة حكمه اعتمد الرئيس السابق صالح سياسات تجمع بين الحفة والجهالة والعصبوية، ما أدى إلى تضخم صنعاء بشكل أضر بها قدر ما اضر بالمدن الأخرى.
9 _ كبرت العاصمة بطريقة كارثية جراء التركيز العاصمي ولأسباب لها صلة بحسابات السلطة ومصالحها وعصبوية أركانها. أرادوا تأمين السلطة فتصدعت الدولة.
10_ صارت العاصمة رمزا للقهر والشرور في الثقافة الشعبية خلال العقود الأخيرة.كانت العاصمة "القاصمة" التي تكبد اليمنيين مشقة لإنجاز اتفه الأمور.
11 _ بعد حرب 94 اشتهرت زفرة أديب عدني، تلخص معاناة اغلب اليمنيين من نظام ما بعد الحرب. " أمر لا يٌطاق ان تكون عاصمتك في بلد شقيق"، زفر صاحبنا.
12_ سياسات ما بعد حرب 94 فاقمت من مشكلة صنعاء التي كبرت قدر ما اغاظت. وفي 2000 كتب أدونيس متحسرا على مدينة آسرة صارت جوهرة في كيس مهملات.
13_ يعلمنا التاريخ انه حتى في ادواره المعتمة تكمن ايجابيات. والأكيد ان سياسات صالح المنفرة ومركزيته الغاشمة، افرزت صنعاء كبرى تكثف اليمن راهنا.
14 _ في صنعاء الآن نحو 3 مليون يمنيا ويمنية من كل المناطق والقبائل. وهي المكان الذي يستطاب سكناه من اغلب اليمنيين حتى ممن يخمشون كبريائها راهنا.
15_ الأمكنة بناسها، كما يقول المثل الشعبي. وناس صنعاء هم يمنيون من كل بقاع اليمن.
16 _ في رحلة نايبورإلى اليمن في القرن ال18 خسرت البعثة الاوروبية (التي ضمت علماء من تخصصات متنوعة) اغلب افرادها اثناء تنقلها في اليمن. كانت صنعاء التي وصلتها في يوليو بمثابة الجنة.
17_ صنعاء ليست صالح أو الحوثي. ليست أيا من السلطات التي تعاقبت عليها. إنها "مليحة" اليمنيين وملهمة الشعراء وآسرة اعظم موهوبي اليمن عبر العصور.
18_ بعيدا عن تخرصات الجهلة الموتورين في اليمن والخليج، فإن تاريخ الإبداع في اليمن هو تاريخ "صنعاء" إلى حد بعيد، من الهمداني إلى البردوني.

19_ كتاب صنعاء هو كتاب "الثقافة" في اليمن، من نشوان بن سعيد الحميري إلى عبدالعزيز المقالح ومحمد عبدالقادر بافقيه وعبدالله الحبشي و"الفضول".

20 _ ابحث عن الجمال في اليمن تجد له أصلا في صنعاء، من الشعرإلى الغناء إلى التشكيل. والمدينة العتيقة هي الرد الصاعق على الذين يتطاولون عليها.
21_ في 1996 زار فنان مصر العظيم جورج البهجوري صنعاء للمشاركة في مؤتمر ولم يحضر أيا من جلساته. في مسائه الأول دلف من باب اليمن ثم لم يخرج قط.
22_ لاحقا، روى البهجوري ل3 صحفيين يمنيين، كنت أحدهم، كيف انه لم يشعر قط بالسأم في هذه المدينة المكتنزة بالاسرار. صارت التي "حوت كل فن" خلال أيام المؤتمر العربي بمثاابة "مرسمه".
23 _ قال البهجوري، إنه اكتفى خلال ايامه ال4 في صنعاء بكرسي خشبي يجلس عليه في زقاق، وصفحات بيضاء وريشة. ورسم كما لم يرسم قط.
24 _ صنعاء هي المصنعة (أي الحصن أو القلعة). وهي المصنع الذي طلع منه اجمل ما يجمع اليمنيين: الأغنية اليمنية التي هي _ بالتقريب_ الأغنية الصنعانية.
25 _ في البدء كان الغناء اليمني، وبالتالي الخليجي، صنعانيا.
26_ وفي نهاية القرن ال19 بدأت في صنعاء وكوكبان موجة عداء للغناء بفعل انتصارات جيش الإمام يحي المحافظ دينيا. وكان في ذلك نفع عظيم لليمن.
27_ انتشر اعظم مطربي صنعاء وكوكبان وذمار وشبام، في اليمن الكبير وعلموا اليمنيين كيف يغنون.
28_ يذكر اليمنيون بعرفان الشاعر الغنائي جابر رزق الذي غادر صنعاء في نهاية القرن ال19، متنقلا في تهامة وغيرها، وواصل العزف مقدما اعذب الألجان.
29 _ في كتاب الفنان الكبير محمد مرشد ناجي عن "الغناء اليمني ومشاهيره"، يظهر إسهام صنعاء في الشعر والغناء، خصوصا محمد الماس وابنه ابراهيم. وقبلهما جابر رزق.
30_ من منزل محمد الماس مطلع القرن، تعلم اليمنيون في "عين اليمن"، عدن، كيف يدندنون بأروع قصائد الشعر الحميني.
31_ في البدء غنى رواد الاغنية اليمنية في عدن الأغنية الصنعانية ثم بعد عقود ظهرت الاغنيتان اللحجية والعدنية.
32_ صنعاء ليست محض مدينة.
ليست محض متحف.
إنها منجم وبستان وصرح ووجهة ووعد.

33_ من يبغض صنعاء فإن له معيشة ضنكا!
34_ يقصفون صنعاء بحمم من نار وبذاءات. يدمرون مبانيها ويروعون اهليها يتوعدونها بما هو افظع لكن هل في طاقتهم قتلها او حتى الانفكاك منها؟
35 _ إن توهمتم إلغاء "صنعاء" من التاريخ كما تطنطنون، فكيف بوسعكم أيها الحمقى إدراك "صفة جزيرة العرب" لعاشقها العظيم الهمداني؟
36 _ هل تستبينون ملامحكم بعدها؟
37 _ إنْ اردتم الغاء "صنعاء" من الجغرافيا الوطنية والاجتماعية لليمن، فعليكم، اولا، محو فكر "المعتزلة" من كتب التراث، وطمس "ملوك وأقيال سبأ وحمير" من كتب التاريخ.
38 _ إن اردتم محو اسم صنعاء من عوالمكم المقفرة، فامنعوا اغاني القعطبي والماس والعنتري وباشراحيل ومحمد سعد عبداللة والمرشدي وابوبكر سالم ومحمد عبده.
39_ أن اردتم حذفها من الجغرافيا الوطنية فعليكم أولا محاكمة وإدانة رموز اليمن الذين رووها من عرقهم واضاءوها من فكرهم: من النعمان إلى فرج بن غانم.
40_ عليكم انزال صور علي عبدالمغني والزبيرى والحمدي وسالمين والبردوني وعمر الجاوي وعيسى محمد سيف وسالم السقاف من جدران مكاتبكم ومجالسكم ومن بروفايلاتكم في مواقع التواصل الاجتماعي.
41_ ان كانت صنعاء محض خطأ تاريخي كما تزعمون... هل ستقومون يتغيير ديموجرافي قسري لتصحيحه، كما يتوعد بعض المعلقين من فضائيات السعودية والإمارات؟
42_ هل يتوجب ان يغادرها 3 مليون يمني، كما يهذي خبراء استراتيجيون "فضائيون" حتى تعود كما كانت قبل 6 عقود: مدينة تغلق بواباتها عند غروب الشمس؟
43_ هل يعرف الاستراتيجيون الطارئون والأثرياء المحدثون "صنعاء" حتى يتقولون عليها ويتوعدون سكانها ثم ينهالون عليها بالصورايخ والقذائف ليل نهار؟
44 _ هل يعرف خبراء الرطانة عبر فضائيات الخليج ومواقع التواصل صنعاء حقا؟ أم تراهم يقصفونها بحمم النار وفحش الكلام لأنهم يعرفونها حق المعرفة؟
45_ يتبارى اليمنيون في مديح عدن وتعز وشبام وسيئون وتريم ...الخ. أنا أيضا أحب هذه الحواضر اليمنية العظيمة وعبرت مرات عن هذا.
46 _ لكن دعونا نقر ان صنعاء المدينة الوحيدة التي يمكن لأي منا هجاؤها من دون ان تقصف اللعنات عمره. يمكن عزو هذا إلى انحرافات سلطة وتشوهات مسار.
47_ يمكن لأي يمني أن يهجو صنعاء وأن يتذمر من دورها وأن يكفر باسمها. صنعاء هي العاصمة وجزء من معاناة اليمنيين ارتبط باسمها وبدورها وثقلها.
48_ لكن هل يصح ان يتقاطر معلقون وخبراء خليجيون على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل النيل من عاصمة اليمنيين بالتحقير والتبخيس؟
49 _ هل يجوز أن تطلع مكبوتات مسؤول خليجي سابق من قلبه إلى لسانه المنفلت، فيتوعد اليمنيين في العاصمة بالويل؟
50_ دعونا نعترف ان صنعاء مدينة يتيمة الآن.. يمكن لأي كان أن يهجوها من دون أن يثير غضب أحد، ومن دون ان يتهمه أحد بالتخلف والتعصب والرجعية.
51_ إنها العاصمة! ومن الواجب تفهم ما يلحق باليمنيين من عذابات جراء رجال مهووسين يمسكون بمقاليد اليمن انطلاقا من العاصمة.
52 _ صنعاء بما هي العاصمة "القاصمة"، مدينة يتيمة أيضا. ياخذونها بجريرة مسؤولين لا يدركوا كنهها واصلها وفصلها وفنونها وعمرانها وتاريخها.
53 _ من حق أي كان ان يستعرض عضلاته الكلامية في هجاء صنعاء. لقد مارس اليمنيون، بالحق وبالباطل، ما يمكن وصفه يجرعات تعذيب سادية ضد اجمل مدنهم.
54_ بات على سكان المدينة العتيقة ان يتقبلوا برحابة صدر العنف اللقظي المتنامي في حق مدينتهم ولهجتهم وهويتهم وارثهم.
55_ من غير المألوف ان تصادف يمنيا يجهر بعبارات قاسية ضد مدينة يمنية اخرى او ينتقص من سكان أي منطقة. لكن صنعاء الاستثناء.
56_ يمكن لأي كان التحامل والغضب والنفجار في وجه المدينة "اليتيمة". تلك مفارقة كبرى: العاصمة القاصمة هي أيضا العاصمة عير المعصومة.
57 _ "صنعاء مدينة مفتوحة"، بحسب رواية محمد عبدالولي. وهي الآن مدينة مستباحة: الطيران يمطرها بحمم النار، ومؤيدو الرياض وابوظبي يمطرونها بالبذاءة!
58_ صنعاء مدينة بلا ضفاف قدر ما هي مدنية بلا ادعاء. هي كما كل مدينة يمنية عريقة: تعبق بالجمال وتختزن الأسرار وتجود بها للمحبين.
59_ هذه التغريدات عن صنعاء واجبة الآن؛ لأنها العاصمة المطالبة بتسديد ضريبة خطايا الرؤساء والقادة والمنظرين والمهرطقين والمهومين والمحتالين!
60_ في السبعينات قال سينمائي ايطالي لو أنه رئيس بلديتها لكنسها كل صباح برموش عينيه. لكن صنعاء القديمة مهددة بصدوع وانهيارات بفعل طائرات الخليج.
61_ صنعاء من أبرز مدن العرب التاريخية. لذلك هي محمية بحسب اليونسكو. ليست محمية تاريخية فحسب. هي "محمية وطنية" قدر ما هي"حامية الوطنية"!
62 _ الشعبوية الآن هي في الردح في صنعاء. لكن "السوية" والانفتاح والرحابة والوطنية والانسانية، كل أؤلئك يكون "في مديح المدن اليمنية الأكبر سنا".
_______
* تغريدات من "تويتر" نشرتها أمس، وقدرت تقديمها للاصدقاء هنا، مصدرة بإهداء لأحد شهداء اليمن الخالدين الملازم علي عبدالمغني الذي فجر، ومعه نخبة من شباب اليمن في 26 سبتمبر 1962 ثورة يمنية كان لها دور عظيم في بلورة "وطنية يمنية" في عموم اليمن من المهرة إلى صعدة، ثورة سبتمبر التي أخرجت اليمنيين إلى العصر قدر ما اخرجت صنعاء من بواباتها إلى الحداثة رغم كل الهزائم التي عصفت بهذه الثورة وبنظامها الجمهوري خلال العقود الماضية.
هذه تغريدات كتبتها هناك، وأعيد نشرها هنا، ردا على حملة الردح والتبخيس والتحقير في هذه المدينة اليمنية الفريدة، الفارهة والفاخرة ولكن ايضا المنكوبة بالسياسيات وبالسياسيين الأغبياء والحمقى، الانانيين المتغطرسين.
هذه 62 تغريدة في حب صنعاء التي يتوهم البعض في اليمن والخليج أنها "مدينة يتيمة" بأكثر مما هي "مدينة مفتوحة" للاجتياحيين القادمين من الشمال (اليمني) أو "مدينة مستباحة" من الطيران الشقيق (الداعم للشرعية المرشحة للتعفن في قصور الرياض) ومن السنة المعلقين الفضائيين الحداد، ومن قوات التحالف التي تتجمع في الشرق.
احتربوا حول ما تشاءون من عناوين لكن "صنعاء ليست مدينة يتيمة" أيها المحلقون في أجوائها وفي الفضائيات وفي العوالم الافتراضية.

الاثنين، 7 سبتمبر 2015

عدن ليست "الغنيمة" يتنازع عليها جاهليو اليمن وخارجيوه!

_ هي "عين اليمن" ومنتهاه و"فرضة صنعاء" وأم "العدنات" والشقيقة الكبرى ل"العدينات"
_عدن ليست "الغنيمة" يتنازع عليها جاهليو اليمن وخارجيوه
_ الشرعية لا تريد العودة إلى احضان "العاصمة المؤقتة" ولو مؤقتا!

___________________________________________
       
      اقترح إبرام اتفاقية سلام بين "مقاومات" عدن للحفاظ على السلم الاهلي في المدينة ما دامت الشرعية لا تنوي العودة إلى "العاصمة المؤقتة".

         خلال الأشهر الماضية عانت عدن كثيرا جراء "المغامرة" الجنوبية للحوثيين.
لكن "الحوثي"، منظورا إليه من سكان عدن، هو "خارجي"، بالمعنيين التكفيري (للقاعدة والسلفيين= أو الخارجيين الداخليين) والمكاني (للسكان المحليين وللحراكيين).


      الحرب قد تكون أشد خطورة في حال انفجرت في ما بين "الخوارج الداخليين" أو بينهم وبين "الداخليين" في عدن الذين يغمرهم شعور بأن هذه المدينة العريقة ملكهم بالجغرافيا أو بالسرديات التاريخية التي جرى إعادة صوغها بعد حرب 94، ثم بعد 2011.
 

       في حال استمرت "فوضى الميليشيات" تحكم مدينة عدن، فإن لا شيء يضمن عدم انفجار حرب داخلية ميليشياوية بين ال"خوارج" والداخليين بشتيت تشكيلاتهم.
في الحروب الأهلية يكون القتال في أشد مستوياته ضرواة إذا كان طرفاه داخليين (من الداخل).
 

        وفي الدراسات المتخصصة بالحروب الأهلية والانقسامات الداخلية تبلغ "الشيطنة" اعلى منسوب لها إن كان "الآخر" داخليا ["الآخر الجواني" بلغة علم الاجتماع]، فهو آخر داخلك لا من الخارج.
***
       يمكن متابعة منشورات "الحراكيين" وبالذات من بعض المناطق القبلية القريبة من عدن، ومنشورات "الاصلاحيين"، بالذات أولئك الذين يقيمون خارج عدن، ومنشورات "القاعدة" التي يتم توزيعها في بعض أحياء عدن، لاختبار تماسك "الفكرة" التي اعرضها في هذا المنشور.
 

      المغامرة الحوثية، في عدن، كانت جنونية ومؤذية ولها مضاعفاتها الكارثية على المجتمع العدني، وعلى اليمن عموما.
    لا جدال في هذا.
    بيد أن احتمالات انفجار الوضع في عدن مناطقيا أو ايديولوجيا قد يحعل من المغامرة الحوثية مجرد "نزهة".
 

         هناك من يصر على تعيين هذه المدينة الكبرى، ك "غنيمة" يتنازع عليها مع قبائل غازية منافسة، آخرها الحوثيون. وبعض هؤلاء خاض الحرب في عدن بروحية الحرب الاستردادية، تماما كما خاض الحوثيون حروبهم خلال العامين الماضيين.
في الأسابيع الثلاثة الماضية زعق بعض الحراكيين والاصلاحيين، مزايدين على ناقدي الشرعية، ومؤكدين ان عدن بخير. أرادوا أن يأخذوا الناقدين المستقلين بالصوت كما يقول المثل الشعبي المصري.
 

        ومنذ أيام تتعالى أصوات هؤلاء الغيورين على الشرعية وعلى الجنوب (الذين يعانون كما يبدو من ضعف في الذاكرة وفي الوقت نفسه لا يستذكرون الدروس جيدا)، متهمة "الشرعية" بالأهمال وعدم المسؤولية. أكثر من ذلك أن هذه الأصوات تدافعت، فيما بينها وليس في مواجهة الناقدين السابقين، الاتهامات بالتورط في الارهاب او التسبب في الفلتان الأمني.
     

       عدن ليست مدينة في المريخ حتى تكون هذه مناسبة للتشفي من هؤلاء المتحمسين. فمن يحب السلام والخير والاستقرار لبلده يستحيل ان يتشفى من أي مواطن أو فئة أو جماعة مهما كانت شعاراتها.
 

       عدن هي "عين اليمن"، كما يدرك الفاعلون الاقليميون والدوليون منذ محمد علي باشا وحكومة الهند البريطانية، التي إن لحق بها سوءا تخبط اليمن في الظلمات، من أدناه إلى أقصاه.
 

       عدن هي الحاضرة، كما يقطع التاريخ الحديث لليمن، إن سقطت في الفوضى، تردى اليمن باكمله في العصبيات الجاهلية.
 

       عدن هي الحاضنة، إن عطبت وتوقفت عن العمل خرج اليمن منها مشوها.
 

       عدن هي المشتل، إن تسربت أسمدة فاسدة أو ممنوعة إلى تربتها استشرى العنف في اليمن.
 

          عدن هي "فرضة صنعاء"، كما يقول الجغرافيون، إن كف جهازها التنفسي عن ضخ الاكسجين، احتنقت صنعاء في قاعها في قلب الهضبة الشاهقة، وتردت في العزلة.
 

         عدن هي أم "العدنات" اليمنيات (هناك عشرات العدنات في اليمن)، والشقيقة الكبرى ل"العدينات" [يوجد عشرات العدينات في اليمن أشهرهن مدينة تعز القديمة التي كان اسمها "عدينة" قبل ان تنتسب إلى قاهرتها، القلعة التي عزت على الغزاة والطغاة فصارت "تعز"]، إن استوطنها الظلاميون والجاهليون، القبائليون والايديولوجيون، لفّ الظلام اليمن من ذروته الشاهقة في جبل النبي شعيب، إلى أقصى نقطة في بحر "الشحر"!
        عدن الآن هي اليمن في المستقبل.
         من يهتم، حقا، بالمستقبل فليبدأ من "منتهى اليمن"، من عدن؛ العين والحاضرة والحاضنة والمشتل والفرضة والرئة والأم والشقيقة الكبرى.

في احترام حق الرئيس هادي في "عدم التنقل" و"الإقامة" في الرياض



من مصلحة اليمن والخليح والجزيرة أن يبقى الرئيس عبدربه منصور هادي في الرياض معززا مكرما، خصوصا وانه لا يظهر أية مؤشرات على رغبته في العودة إلى أية بقعة يمنية لا تخضع لسيطرة الحوثيين او صالح.
من المهم إنهاء مفاعيل انقلاب الحوثيين وصالح على الشرعية التوافقية. ثم بالشرعية التوافقية يتم التأسيس لسلطة متوافق عليها (خصوصا وأن لهادي نائبا اسمه خالد بحاح يمكن أن يكون جزءا من الحل) واتفاق إطاري جديد لمرحلة انتقالية مزمنة يتم فيها استنقاذ الدولة وانهاء تعدد مراكز القرار الأمني والعسكري فيها، وبناء فروع هذه السلطة وادواتها الوطنية القهرية (الجيش والأمن)، وتقوية السلطات المحلية في المحافظات، والاشتغال على الإعمار وانهاء المظالم ورد الحقوق، ثم النظر في القضايا محل الخلاف في مخرجات الحوار الوطني، من أجل بناء توافق حولها.
***
الرئيس الشرعي هادي لا يريد العودة إلى عدن او حضرموت أو حتى سقطرى (المحمية البيئة، وفي هذه يتوجب رفع اسمى أيات الامتنان إليه حيث يستطيب الإقامة في الرياض).
على السعودية والامارات والدول الراعية والمكونات السياسية اليمنية عدم الضغط عليه من أجل العودة.
عدم إجبار هادي على العودة إلى اليمن لن يعتبر سلوكا، حقوقيا خليجيا، يحترم حق الرئيس قي "التنقل" من عدمه، فحسب، وإنما، أيضا، سيعد خدمة جليلة للشعب اليمني من شأنها أن تغفر لهذه الأطراف جزءا من الذنوب التي اقترفتها في حق اليمنيين عندما شجعته على الانقلاب على المبادرة الخليجية والدستور اليمني النافذ في مطلع 2014، الأمر الذي أدى الى ازدهار الجماعات المسلحة وسقوط العاصمة في قبضة تحالف الحرب الداخلية الاستحلالية الإحلالية.