السبت، 14 نوفمبر 2015

"لماذا يكرهوننا؟" اسقط دولة العراق وجاء ب "داعش" التي ضربت أمس في قلب "أوروبا العجوز"!

_ "لماذا يكرهوننا؟" اسقط دولة العراق وجاء ب "داعش" التي ضربت أمس في قلب "أوروبا العجوز"
_ على الغرب، هذه المرة، أن يطرح السؤال الصحيح بشأن الإرهاب!
_________________________________________
تفكيك الدولة القطرية في العالم العربي، ورعاية اميركا والاتحاد الأوروبي لمشاريع التفتيت من العراق إلى السودان، ومن ليبيا إلى اليمن، هو أكبر جائزة يقدمها الغرب ل"الإرهاب".
قبل 13سنة كانت هناك دولة اسمها العراق على رأسها رجل يناصبه بوش الابن العداء. شنت اميركا الحرب عليه بذريعة أن نظامه يدعم "تنظيم القاعدة"، وهي ذريعة لم يصدقها أحد، وثبت زيفها. لم تكتف واشنطن وحلفاؤها في المنطقة بالإطاحة بصدام حسين بل تم تفكيك الدولة وتقويض البيروقراطية وحل الجيش والأمن، والترويج لفدرالية قومية وطائفية.
ما حدث أن اميركا شنت الحرب على دولة العراق، ومهدت لقيام "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق" ثم في العراق والشام، ثم في المشرق العربي والجزيرة، وصولا إلى مصر وليبيا والمغرب العربي. وها إن الإرهاب يضرب مجددا في قلب "أوروبا العجوز" بعد 14 سنة من ضربته في قلب الامبراطورية الاميركية.

للإرهاب عوامل محفزة لا تقتصر على السياسات الغربية الخرقاء و"الثأرية" ضد العالم العربي، وبخاصه مشرقه. بيد أنه من النفاق تبرئة الحكومات الغربية من مسؤوليتها في دعم الإرهاب في مراحل سابقة، واستمرارها في توفير بيئة مثلى لازدهاره في العالم العربي.
الإرهاب هو "الطفح" على سطح العالم العربي. والنفاذ من القشرة إلى النواة؛ إلى المرض لا العرض، يظهر أن لهذا الإرهاب أباء عديدون في المنطقة (حكومات مستبدة وفاسدة ومشاريع ومناهج وسياسات انعزالية تغذي التطرف) وفي الغرب (مقاربات عنصرية وحروب ظالمة وسياسات هوياتية واستخدام "أداتي" للإسلام السياسي منذ الخمسينات، في مواجهة أفكار وتوجهات وأنظمة ومعسكرات، ثم أسئلة غبية من شاكلة "لماذا يكرهوننا؟" تجوهر العربي والمسلم باعتباره "كارها" بالفطرة وبالعقيدة.
***
محزن وفاجع ما أصاب فرنسا و"العالم" أمس.
تمكن "داعش" من الضرب في قلب أوروبا هذه المرة.
وعلى الغرب أن يصحِح صيغة السؤال هذه المرة:
بدلا من "لماذا يكرهوننا؟" التي أدت إلى قيام "داعش" على انقاض العراق (والشام). فليكن:"لماذا من العالم العربي والاسلامي فقط يجيء "مرتدو الأحزمة الناسفة" منذ عقدين؟"، بل "كيف ومتى وأين ولد تنظيم داعش في المشرق العربي؟"
السؤال الصحيح يوفر الكثير من المبادرات العبثية وصفقات السلاح التي تفقر العرب وتهدر مواردهم الشحيحة بعيدا عن احتياجات التنمية والحياة الكريمة.
السؤال الصحيح يوفر، أيضا، جلسات "العصف الذهني" والزيارات المتبادلة لسياسيين وعلماء ورجال دين من "الغرب" و"الشرق" تعظم من منسوب النفاق من دون ان تخفض من منسوب التطرف والإرهاب.
والأهم أن السؤال الصحيح يوفرالغزير من الدماء والدموع في "الشرق الأوسط... وفي الغرب الأقصى وفي "الغرب الأدنى" أيضا.

الخميس، 12 نوفمبر 2015

من هو "علم العصر" لدى "الحوثية" وما هي مكانته في النظام السياسي اليمني وماذا يميزه عن "الإمام" وما هي آلية اختياره؟

من هو "علم العصر" لدى "الحوثية" وما هي مكانته في النظام السياسي ل"الجمهورية اليمنية" وماذا يميزه عن "الإمام" وما هي آلية اختياره؟
_____________________________________________
من هو "علم العصر"؟
ما هي دلالة هذا "المفهوم"؟
ما تاريخيته؟
هل هو مرتبة دينية أم هو مرتبة سياسية أم المرتبتان معا؟
هل هو معصوم؟
وإذا كان معصوما، لماذا تجيز "الزيدية" الثورة على الإمام الظالم؟
ما هي الفروق المائزة بين "الإمام" و"العَلَم"؟
هل لمفهوم "العلم" جذور عند الزيدية كفرقة اسلامية؟
أم إنه أضافة "حوثية" ل"الزيدية" و"تنويع" حوثي على مفاهيم اعتمدتها الحركات الشيعية السرية في العصر العباسي؟

إلى أي مدى صار "علم" الحوثيين "علما" زيديا؟
لماذا لا يقدم الحوثيين رسميا قائدهم باعتباره "علم العصر"؟
متى ظهرت مفردة "العلَم" في الخطاب التعبوي الحوثي أول مرة؟
هل أوردها حسين بدرالدين الحوثي في أوراقه التي اشتهرت باسم "الملازم" او "الملزمات"؟
هل مخالفة "الزيدي" العادي تخرجه من "الزيدية" في مفاهيم جماعة الحوثي؟
كيف يتم تعيين "العلم"؟
هل "تعيين" علم للزيدية يحول "اليمنيين" الزيدية إلى طائفة على راسها أمير كما بعض الفرق والطوائف في التاريخ الاسلامي؟
هل الزيدية تتيح أساسا احتكار الحقيقة في شخص واحد؟
ما مركزية "العلم" في النشاط الحركي للحوثيين في المحافظات؟
ما علاقة "الوثيقة الفكرية" للزيدية التي وقع عليها "الحوثي" بمفهوم "العلم" http://samighalib.blogspot.com/2015/09/blog-post_18.html
لمن الكلمة الاولى في دولة يوجد بها رئيس منتخب وسلطة شرعية منتخبة وممثلة للشعب و"علم"؟
هل يكرس "علم العصر" الفرز الهوياتي بين اليمنيين (المسلمين، زيود واسماعيلية وشوافع) أم ان مفاعيله في الواقع لا تتجاوز أتباع الحوثي؟
كيف يمكن لمواطن يمني أن يكون"علم العصر" وهو قائد جماعة مسلحة في مكان قصي من العاصمة؟
***
هذه أسئلة معروضة آمل الحصول على اجابات عنها، فقد استلفت انتباهي اكثر فأكثر، تكرار استخدام هذا المفهوم عند الحوثيين؟
***
_ العبارة أدناه هي تعبير صار يردده البعض كلما جاء على ذكر عبدالملك الحوثي في مقام احتفائي هو أقرب إلى التقديس منه إلى التبجيل والأحترام:
[علم العصر سيدي ومولاي السيد المجاهد العلامة حجة العصر عبدالملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله و نصره]

قاسم المفلجي جاء إلى العاصمة لإنقاذ والدته من السرطان فماتت كمدا في "التحرير"!

جاء إلى العاصمة لإنقاذ والدته من السرطان فماتت كمدا في "التحرير"!
اختفاء قاسم ابوبكر المفلحي في صنعاء بالتزامن مع حملات المسلحين الحوثيين الملثمين

________________________________
 
        الأستاذ قاسم ابوبكر سعيد المفلحي جاء من يافع إلى العاصمة صنعاء لغرض تدارك التدهور الصحي لوالدته الكريمة المصابة بالسرطان.
 

        غادر الفندق ظهرا قبل 6 أيام إلى ميدان التحرير بينما والدته وشقيقته في الفندق. ثم انقطعت اخباره، وانغلق موبايله.
 

       والدته من أسف توفت في صنعاء قبل يومين، وتم نقلها أمس إلى مثواها الأخير في "المفلحي" بيافع بينما هو مختف في صنعاء.
 

       بالنظر إلى الحملة التي شنها مسلحون على التحرير في توقيت مقارب لاختفاء الأستاذ قاسم، فإنه من غير المستبعد أن تكون المجموعة المسلحة نفسها هي من اختطفته.
سبق لي أن نشرت قبل يومين عن واقعة اختطاف عشرة اشخاص بينهم فتى اسمه نصر حسين شمسان الحمادي وعمه وصهره، من محلهما في "التحرير"، جوار برج الاتصالات، وذلك من قبل مسلحون ملثمون قدموا إلى الشارع على متن أطقم أمنية.

تتردد معلومات بأن المسلحين الملثمين أخذوا المختطفين إلى "الأمن القومي".
ما يعني أن الأستاذ قاسم المفلحي قد يكون هو الآخر محتجزا هناك بالخلاف للقانون.
***
 

       الخطف أو الاعتقال من "ميدان التحرير" في عاصمة الجمهورية اليمنية كان رائجا في نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات. وهاتان الواقعتان هما مناسبة للتذكير بمختفين قسريا من السبعينات والثمانينات تم اعتقالهم من ميدان التحرير، أبرزهم عضو مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين في مطلع الثمانينات الصحفي اليساري محمد علي قاسم هادي، وهو شاب من أبناء مدينة إب، اعتقل عام 1982.
***
        الحوثيون هم من يسيطرون على الأجهزة الأمنية في العاصمة صنعاء. وحدهم من ينشرون المسلحين في العاصمة. وحدهم من بوسعه ارسال مسلحين ملثمين (وغير ملثمين) إلى أي مكان في العاصمة، وحدهم من يهيمن كليا على وسط العاصمة وميدان التحرير. وحدهم من يمارسون جرائم "الاختفاء القسري" منذ اجتياحهم العاصمة اليمنية.
***
       اليمنيون يقدمون إلى عاصمتهم لأغراض شتى، بينها طلب العلاج في ظل نظام رعى مركزية قاسية في اليمن قبل الوحدة وبعدها.
 

       الأستاذ قاسم المفلحي قدم إلى صنعاء لغرض شخصي محض هو محاولة انقاذ حياة والدته. والدته الكريمة عادت إلى يافع بعدما توفاها الله في العاصمة صنعاء بينما هو مختطف في معتقل ما.
***   

       الحوثيون الذين تجرع بعض منهم محنة "الاختفاء القسري"، وبين هؤلاء اشخاص صاروا متنفذين في "دولة" جماعة الحوثي، مطالبون بفعل شيء من أجل قاسم المفلحي وغيره من الأبرياء الذين وقعوا في شباك مسلحيهم المتوترين.
***
. عبدالله البردوني:

    أيا وعلان قل أمسوا ب"صنعا"
           أمن يمسي بصنعاء ليس يصبح؟

الأربعاء، 11 نوفمبر 2015

عذبوا محمود ياسين بالكهرباء، ووضعوا محمد حسن دماج في مخزن ديزل معرض للقصف الجوي مدة اسبوعين

عن الحوثيين باعتبارهم "نسخة مطورة" من ممارسي التعذيب في اليمن!
عذبوا محمود ياسين بالكهرباء، ووضعوا محمد حسن دماج في مخزن ديزل معرض للقصف الجوي مدة اسبوعين

___________________________________________
الشاب نصر حسين شمسان الحمادي، 17 عاما، اختطفه الحوثيون "الملثمون" قبل 3 أيام من محل والده في التحرير، واختطفوا معه عمه وصهره. وعلى الأرجح فإنه محتجز في معتقل تابع لجهاز الأمن القومي.
يمكن ان يكون هذا الحادث نتيجة التباس معلوماتي أو وشاية. ويحتمل انه حدث محمولا على "كراهية" أو "انحراف" بقصد الابتزاز والسرقة.
لكن ماذا يضمن أن يتم تصحيح الخطأ سريعا، فيخرج المختطفون بسلام من "أدغال" الحوثيين؟
ماذا يضمن أن يخرج هذا الشاب سليما من براثن الحوثيين بعد الاشتباه به أنه مؤيد للعدوان؟
ماذا يضمن أن يخرج المئات في العاصمة صنعاء من زنازين الحوثيين بسلام بعد ان انتشرت روائح الجلادين الكريهة في أرجاءا ليمن؟
ماذا يضمن أن يكون مصير نصر، والآلاف من "النصريين" مختلفا في عالم "أنصار الله" عن مصير الهمداني وأمين الشفق ومحمود يس وصحفيي ذمار الذين قتلوا في غارة جوية لمنطقة تم وضعهم فيها رغم التحذيرات؟
***
الحوثيون صاروا محترفي تعذيب وحرق أعضاء جسدية حساسة. الحوثيون ساديون في سلوكهم ضد ضحاياهم دون تمييز.
هذا هي خسارتهم الكبرى بصرف النظر عن نتائج أية حرب أو مجريات أي قتال في اليمن.
لقد سقطوا اخلاقيا.
وانتقلوا من أصحاب "مظلمة"_ بصرف النظر عن أي خلاف حول دعاوى أطراف حروب صعدة ال6_ إلى ظالمين مستكبرين يخوضون حروبهم بالتحالف مع الرئيس السابق ضد كل اليمنيين.

_ لقد وضعوا الأستاذ محمد حسن دماج، وهو رجل تعدى ال70 من العمر، في مخزن ديزل في منطقة بصنعاء معرضة لقصف الطيران، مدة اسبوعين.
_ هناك غموض في مصير الأستاذ محمد قحطان القيادي الأصلاحي البارز. وهو رجل كان عبدالملك الحوثي والصف الأول من القيادة الحوثية يتوجهون معه، كتفا إلى كتف، إلى الكعبة في الصلوات في فندق موفنبيك او في مقرات الحوثي في صعدة بينما فلاشات الكاميرات تلمع مسجلة "الإخاء الاسلامي" للجمهور اليمني وللسفراء الغربيين.
يا للاخلاق الرفيعة!

أين هو محمد قحطان؟
باستثناء رواية عن مقتله في غارة جوية سعودية، نقلها الأستاذ علي البخيتي عن مصدر قيادي حوثي رفيع، لا جديد بشأنه.
هناك من يقطع بانه في سلام وأن واقعة مقتله ليست صحيحة.
لكن الحوثيين المؤمنين الذين يخوضون حروبهم الاستردادية باسم الله، ويحيوون المولد النبوي الشريف وذكرى استشهاد الإمام زيد، لا تلزمهم أخلاقهم الرفيعة بإطلاق سراحه ووضع حد لمعاناة اسرته وأحبته، أو حتى السماح له بالتواصل، عبر الموبايل، مع زوجته وابنائه.
****

لم يسبق لأية سلطة يمنية أن قامت بفعل يماثل هذا الفعل في وحشيته. وعندما خرجت ثورة ضد الرئيس صالح في فبراير 2011 ظن اليمنيون أن حقبة التعذيب بالكهرباء والاخفاء القسري قد طويت إلى الأبد.
لكن الحوثيين اثبتوا أنهم أصلا لتواريح وسير جلاديهم. وبينما اليمن يتخبط في الظلام جراء انقطاع الكهرباء، يفومون هم بإيصال شحنات كهربائية إلى "أوصال" ضحاياهم في المعتقلات السرية في العاصمة والمحافظات.


بالأمس استمعت من الزميل والصديق محمود يس إلى تفاصيل حول تعذيبه بالكهرباء في معتقل الأمن السياسي في إب.
كنت قد نشرت قبل اسبوعين عن واقعة تعذيب محمود بناء على مصادر خاصة في إب. لكنني لم اتصور أن تبلغ بهم الخسة حد تعذيبه بالكهرباء.
أخر صحفي تعرض لتعذيب في معتقل امن سياسي من هذه الشاكلة كان في الثمانينات.
لكن الحوثيين يجترحون المعجزات. ومنها تعذيب الكتاب والناشطين بالكهرباء التي انقطعت كليا عن أغلب المحافظات الشمالية منذ 4 أشهر.
إن كانوا عذبوا صحفيا وكاتبا مثل محمود يس بالكهرباء فمن في وسعه تصور التعذيب الذي ناله ناشط سياسي مثل أمين الشفق (إصلاح) تحمس لمبادرة "مسيرة الماء" وشارك في التحضير لها؟
كانت مصادر قد ذكرت أن العمود الفقري للأستاذ أمين الشفق قد تأذى لشدة التعذيب.
لنأمل أن يكون بخير.
***
هذه الممارسات الفاشية والسادية ليست مرتبطة بأجواء الحرب و"العدوان" كما يطنطن الحوثيون.
فالثابت أن الحوثيين مارسوا التعذيب فور اقتحامهم صنعاء. بل إن هناك شابا من همدان قتل بالتعذيب لمجرد مشاركته في مسيرة سلمية.
****
هناك مئات الجرائم التي وقعت في صنعاء، وفي محافظات يمنية أخرى، منذ سبتمبر 2014.
الحوثيون يتصرفون حيال المجتمع اليمني كأنهم من عالم آخر. لكأنهم جماعة ضد جماعة. ل1لك يصير كل مواطن من خارجهم هدفا مستباحا في أية لحظة.
***
الحوثيون يتحولون، كما أي جماعة مسلحة خارج القانون، من الشعارات الكبرى إلى ممارسة الجريمة باسم الله وباسم الثورة وباسم القرآن.
حدث هذا مرارا عبر التاريخ. ["الحشاشون" في عصور انهيار الخلافة العباسية على سبيل المثال، فقد انتهوا إلى مجرد عصابات جريمة تمارس القتل لحساب الغير، و"طالبان" التي اشتغلت في تجارة المخدرات، وجماعات مقاومة في سهل البقاع في لبنان اشتغلت في تجارة الحشيش، الخ...]

المفترض حيال جماعة من شاكلة الحوثيين، لها مركز قيادي موحد ومبجل، ان هذه القيادة ليست في معزل عن هذه الجرائم الخطيرة التي برتكبها مسلحو الجماعة ضد المواطنين الأبرياء.
هي المسؤولة أولا وأخيرا عن أية جرائم.
يحدث ان يختطف الحوثيون "مواطنا" من منزله أو من محله، باعتباره "عدو" المسيرة القرآنية ومؤيد للعدوان. يختفي عدة أيام. ثم يطلقون سراحة بعد تشليحه من كل أمواله.

لا جدبد في عالم "اللجان الثورية"و"المسيرة الخضراء".
لا جديد باستثناء أن حالة الفلتان الميليشياوية في العاصمة صنعاء تتفاقم وتنتشر إلى مناطق جديدة وضحايا جدد.
صنعاء مدينة كبرى. يحدث فيها كل يوم فظاعات لكن من دون أن يتنبه أحد إليها في أجواء الحرب والحصار و....والخوف.
***
الحوثيون ليسوا من كوكب آخر.
هم يمنيون كغيرهم.
هذا البلد بلدهم مثلما هو بلد اليمنيين الآخرين.
عليهم ان يتداركوا هذا النزيف في سمعتهم وفي اخلاقهم وفي صلاتهم بأبناء وطنهم.
والأيام "دولة" بين اليمنيين!

الأحد، 8 نوفمبر 2015

من واجب اليمنيين تأمين "وداع" في صنعاء يليق بمكانة الإرياني

 لتكن وفاة الإرياني مناسبة لاختبار ما تبقى من "انسانية" أطراف الحرب التي تدمر اليمن!
         ترجل بعيدا عن أمتاره الخمسه في "يمن" كان من أبرز مهندسيه وألمع سياسييه!
  _________________________________________
       
      
           رحم الله الدكتور عبدالكريم الإرياني. أحد أهم السياسيين اليمنيين منذ نصف قرن. لعب أدوارا بارزة في السياسة والإدارة منذ مطلع السبعينات.
         

       أسهم بعد الوحدة، وبخاصة بعد حرب 1994 في تصميم النظام السياسي القائم على "الحزب الغالب" أو "الحزب المسيطر". برعايته جرت عملية تحويل "التنظيم السياسي" لنظام الرئيس صالح في اليمن الشمالي (حيث المؤتمر الشعبي هو البديل السياسي للتعددية الحزبية والمعادل السياسي للحزب الاشتراكي في اليمن الجنوبي) إلى "حزب مسيطر" من خلال "اغلبية كاسحة" في انتخابات 1997 ثم "أغلبية ساحقة" في 2003 ف"اغلبية مميتة" في انتخابات 2006 المحلية.
        
      تابع حضوره السياسي الطاغي في 2011 عندما قامت ثورة شعبية ضد الرئيس صالح، إذ لاح وكأنه يتفهم دواعيها ومطالب شبابها. وقد اقترب لاحقا من الرئيس الجديد هادي محاولا إدارة انتقالة أخرى في "الحزب المسيطر" تتيح "خروج مشرف" آخر لصالح من رئاسة التنظيم الذي أسسه في مطلع الثمانينات وصار "حزبا" حاكما في مطلع التسعينات، فحزب "الحاكم" حتى 2011، فحزب نصف حاكم بعد 2011، ثم انتهى به المطاف إلى حزب متنازع عليه بين الحاكم السابق في صنعاء والحاكم الراهن المقيم في الرياض.
               ***
           هو أحد العناصر الأساسية للدارسين والباحثين والصحفيين اليمنيين والعرب والأجانب لفهم اليمن؛ عنصر عالي القيمة لكل راغب في قراءة متعمقة للحالة اليمنية المعقدة. فهو فاعل في السياسة والإدارة والحرب والحوار لا غنى لأي دارس أو باحث عن تتبع سلوكه السياسي ومواقفه وأدواره منذ نصف قرن. وهو أيضا قطب جاذب لكل أولئك الذين يقتربون من اليمن أو يدرسونه أو يؤثرون في قراره، يسمعون منه ويستمزجون رأيه ويستهدون بتقديراته وأحكامه. من هذه الزاوية يمكن فهم بقائه في موقع التأثير والنفوذ السياسي منذ مطلع السبعينات على رغم تعاقب الرؤساء والانقلابات والحروب، وعلى الرغم من التحولات الكبرى في اليمن التي دفعت بعديدين من مجايليه إلى الظل، وأحيانا إلى "دار البقاء"!
                  ***
         الإرياني ليس مجرد سياسي يمني داهية. فهو الوريث النجيب لأسرة يمنية عريقة (من فئة القضاة) كانت حاضرة في المجال السياسي والثقافي اليمني منذ قرون. وهو أحد اقارب الرئيس اليمني الأسبق القاضي عبدالرحمن الإرياني (1967_ 1974) أحد أبرز رجال السياسة والثقافة في اليمن في القرن العشرين. وهو شقيق الشاعر والأديب اليمني الكبير مطهر الإرياني أحد أهم من شكلوا وجدان اليمنيين منذ مطلع الستينات بأشعاره وبحوثه وقصائده الغنائية الوطنية التي صارت علامات في سجل "الإبداع اليمني" وملحمة "الوطنية اليمنية".
             ***
        الإرياني هو السياسي اليمني الأكثر إثارة للجدل في العقود الأخيرة. فهو، ولا جدال، ذو توجهات وطنية صريحة. وفي بعض اللحظات تبدى وطنيا متعصبا، بل قحطانيا متحيزا كما هو الحال بالنسبة لعديدين من أسرته وكثيرين من فئة "القضاة" في اليمن.

إلى خلفيته الأسرية التقليدية، لاح قوميا عربيا في غالب الأحيان. ومن المعلوم أنه التحق بحركة القوميين العرب في النصف الثاني من عقد الخمسينات عندما كان ل"القومية العربية" بطلها في القاهرة، وجماهيرها العريضة في العالم العربي، وأحزابها وحركاتها السرية الفتية في المشرق العربي والخليج والجزيرة.
لكن الإرياني الذي تحصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد الزراعي (نهاية الستينات) من الولايات المتحدة الاميركية صار، لاحقا، قوميا معتدلا عند القوميين [بل قوميا متأمركا عند المتطرفين و"السلفيين" منهم] قدر ما بدا وطنيا يمنيا متعصبا في "عدسة" السعودية التي صارت الفاعل الأول في اليمن الشمالي في مطلع السبعينات. وهو أيضا لاح "ليبراليا" مستفزا في عيون رفاقه "الحركيين" وأصدقائه اليساريين.
              ***
        كل هذه الأبعاد والتحولات وزوايا النظر المتعددة والمتباينة جعلت من الإرياني رجلا "اشكاليا" بامتياز. هو موضع النقمة قدر ما هو محل الرجاء. هو رجل من الماضي لكنه من موقعه في "القمة" يصوغ المستقبل. وبعد 2011 لم يغادر الارياني السياسة كما توقع كثيرون وكما أمل هو. إذ أن الأزمة في الرئاسة الجديدة التي لا تترأس "حزب الرئيس" السابق، أبقت عليه مطلوبا في عالم السياسة. بل إنه صار "قناة الوصل" بين الرئيس الجديد وسلفه، وبين الرئيس و"حزب الرئيس" قبل أن ينحاز كليا إلى الرئيس هادي، ويحضر "مؤتمر الرياض" بعد انقلاب الحوثيين على "الشرعية التوافقية" وانتقال الرئيس الجديد إلى السعودية بالموازاة مع انتقال الرئيس السابق إلى "صعدة" بالسياسة وبالحرب.
                        ***

       لم يتفرغ الإرياني، وهو مثقف عميق وصاحب دراية واسعة باليمن وبالتاريخ والتراث، للكتابة من أسف. وكل من جالس هذا اليمني الاستثنائي يعرف أي مثقف كانه بمعزل عن حكمه في أي سياسي هو.
        الإرياني كما أي سياسي أمضى أغلب عمره قريبا من السلطة أو فاعلا رئيسيا فيها، يميل إلى التلميح في نقاشاته لكنه لا يمانع من التصريح إذا اطمئن إلى جلسائه. وهو كمثقف معتد بنفسه، يدرك قيمته وأهميته، ينحو إلى التقشف في الكلام في اللقاءات المفتوحة تاركا ل"أهل الخفة" المنصات والمكروفونات.
          

       كان الأقصر قامة بين أولئك الذين تصدروا المشهد السياسي في اليمن في العقود الأخيرة، لكنه كان أعلاهم قيمة وأشدهم أهمية وألمعهم حضورا. كان الأقصر إذ بالكاد يتعدى المتر والنصف متر، لكنه أطولهم عمرا في السياسة كما في الحياة، وأطولهم جذورا في السياسة كما في "الحكم".
      ويحضرني للتو وصف للأستاذ طلال سلمان محرر جريدة "السفير" البيروتية يكثف "شخصية" الإرياني، إذ قال _ وأنا هنا لا انقل تعبيره حرفيا_ إن من يلتقيه يخال أن هذا الرجل يبلغ من الطول "مترا ونصف المتر فوق الأرض، وخمسة أمتار تحتها"!
     والآن؟
     والآن، في هذا المساء الصنعائي الحزين، فإنه ما عاد حاضرا على أرض السياسة في اليمن، فقد توفاه الله قبل ساعات في أرض تبعد آلاف الأميال عن مسقط راسه. وصار من واجب اليمنيين أن يودعوا هذا الرجل بما يليق، وأن يجدوا سبيلا لنقل جثمانه إلى اليمن التي وهبها عمره. صار من الواجب أن يترفع اليمنيون على جراحهم واحقادهم ورغباتهم وعصبوياتهم، وأن يجعلوا من غياب أبرز سياسييهم فرصة لاختبار صلاحية ما بقي من "انسانيتهم" بعد 8 شهور من القتل والتخريب والتدمير والتجريف، وأن تتضافر جهودهم كيما يتاح للدكتور الإرياني، "القصير" والعميق، اللماح المتقشف، المناور المتجذر، الالتحاق بامتاره الخمسة الأخرى في بقعة ما، تحت هذه الأرض التي أحبها ووهبها من فكره ودهائه وعلمه، الكثير.