الاثنين، 14 ديسمبر 2015

صنعوا الإجماع على "الحرب" في موفنبيك قبل عامين وغادروا، أمس، إلى جنيف من اجل "الحوار" على وقفها!


_ مشروع الحد الأدنى ل"الجماعة" يفاوض مشروع الحد الأقصى ل"الشرعية"
_ استعادة السلام وانقاذ "الكيان الوطني" لليمنيين رهن بتخلي رجال "الرئيس" و"السيد" و"الزعيم" عن خرافاتهم وتهويماتهم واحلامهم!
_______________________________________________
الحد الأدنى لمشروع الحوثيين في احتكار تمثيل اليمنيين من اتباع المذهب الزيدي (وهو مشروع مستحيل التحقق) هو ذاته الحد الأقصى لمشروع الرئيس هادي والمشترك (اقليم آزال الافتراضي).
الفريقان اللذان سيتفاوضان في جنيف يمثلان مشروعين عصبويين يتقاطعان (=المنطقة المشتركة بينهما) في النظرة إلى نحو ثلث سكان اليمن على الأقل: الأول يريد احتكار تمثيلهم، والآخر يريد عزلهم بدلا من عزل التسلط وتحجيم مراكز القوى وإنجاز دولة مواطنة لليمنيين جميعا.
فريقان عصبويان يتفاوضان من أجل تنفيذ قرار دولي بإنهاء انقلاب طرف على الشرعية التوافقية، والعودة إلى المسارات السياسية. الأول لديه مسودة دستور كارثية تمزق اليمن وتسلم رقاب اليمنيين للميليشيات الجهوية والايديولوجية، والآخر لديه وثيقة فكرية تستحيي الدولة السلطانية بلبوس عصبوية اصطفائية احتكارية اصولية.
فريقان يمنيان صنعا، معا، في موفنبيك اجماعا على تفكيك الدولة ثم اختلفا بعد موفنبيك على العدد الذي ستتفكك طبقا له "الجمهورية اليمنية"، فتصرف الأول كسلطة على جمهورية افتراضية مخليا بين الميليشيات وبين الشعب بذريعة أن فراديس الفدرالية في نهاية الطرق، وشن الثاني حروبا استردادية لأخذ ما هو حقه، طبق تنظيرات الفدراليين الجمقى، انطلاقا مع صعدة بلوغا إلى صنعاء اولا.
ليس من حق أحد تجريد يمني من وطنيته.
لكن من الواجب القول، الآن كما في السنوات الماضية، إن الذين سيتفاوضون في جنيف غدا، عصبويون بالمشاريع التي يمثلونها. غدروا باليمنيين، كل بحسب طاقته، وأخذوا اليمن بالخرافات التي صنعوا الإجماع حولها في موفنبيك، إلى الحرب الداخلية _ الاقليمية.
***
يأمل اليمنيون في هدنة مؤقتة أولا. ويتمنون أن تتجدد هذه الهدنة مرة تلو أخرى. لكن استعادة الوحدة وتحقيق توافق، ولو في الحد الأدنى، حول مشروع سياسي يحقق السلام المستدام رهن، اولا وأخيرا، بتخلي ممثلي الرئيس في جنيف عن خرافاتهم الفدرالية _ ولو مؤقتا_ وتنازل رجال "السيد" عن تهويمات "الولاية" و"الحق الإلهي"، وتخلي رجال "الزعيم" عن "حلم العودة"!
مصير "الكيان الوطني" لليمنيين لن يقرره هؤلاء الذين سيتفاوضون في جنيف في حال تابعوا تمسكهم بخرافاتهم وتهويماتهم وأحلامهم. وقصارى ما سيحققونه _ في جنيف وما بعد جنيف_ هو تهيئة اليمن أكثر فأكثر إلى حروب مستدامة تكون الكلمة الفصل فيها للميليشيات، من صعدة إلى عدن.